أميرة الورد Admin
عدد المساهمات : 1191 تاريخ التسجيل : 11/03/2011
| موضوع: طاعة ولدي لا تتحقق إلا بالمكافأة! الخميس مارس 24, 2011 6:26 am | |
|
السؤال: مشكلتي مع ابني، حيث إنه أصبح لا ينفذ الأوامر إلا من خلال مكافأة أو وعد بها، وهذه العادة ترتبت نتيجة اتخاذي هذا الأسلوب الخاطئ لتنفيذ الأوامر بأسرع وقت ممكن بغض النظر عن العواقب. أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب: الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد: للإجابة عن سؤالك، أعرض لك التالي: أولاً: ابنك في الثالثة والنصف من عمره، يمر بمرحلة الطفولة المبكرة، وهي المرحلة الأهم والأخطر في حياته، فإن علماء النفس والتربية يجمعون على أهمية التنشأة الأولى للأطفال، ويؤكدون آثارها في تباين ميولهم واتجاهاتهم وأنماط سلوكهم المختلفة لمستقبل حياتهم، حيث إن هذه المرحلة ترسم الملامح الأساسية لشخصية الطفل المقبلة، ويصبح من الصعوبة تغيير ما تم بناؤه مستقبلاً. تقول الدراسات العلمية: أن (70 %) من سلوكيات البشر تبدأ بالتبلور في السنوات الخمس الأولى من العمر ، ويؤكد هذا الإمام الغزالي رحمه الله فيقول: (الصبي أمانةً عند أبيه، وقلبُه جوهرةٌ نفيسةٌ ساذجةٌ خاليةٌ عن كل نقشٍ وصورة، وهو قابل لكل نقش ومائل إلى كلِّ ما يمالُ به إليه، فإن عُوِّدَ الخير وعُلِّم نشأ عليه وشاركَ في ثوابه أبويه، وإن عُوِّدَ الشر وأُهمل شَقِي وهَلك وكان الوزر في رقبة القيم به والولي عليه)(فيض القدير: 3/522). ويقول ابن الجوزي رحمه الله: "أقوم التقويم ما كان في الصغر، فأما إذا ترك الولد وطبعه فنشأ عليه ومرن كان رده صعباً". إن الغصون إذا قومتها اعتدلت * * ولا يلين إذا قومته الخشب قد ينفع الأدب الأحداث في مهل * * وليس ينفع في ذي الشيبة الأدب يقول الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره لقول الله تعالى: "يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ" [النساء:11]. "أولادكم -يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام". ثانياً: قد وجَّهنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لاستخدام أساليب التحفيز المختلفة في تعاملنا مع أولادنا، وهي التي تجعلهم يُقبلون على وظائفهم والأعمال المناطة بهم، ويلتزمون بالسلوكيات الحسنة، بنفس راضية، وقناعة ذاتية، وحماس كبير، وإنجاز متميز. فها هو صلى الله عليه وسلم يحفِّزنا للتبكير إلى الصلاة فيقول: "لَوْ يَعْلَمُ النّاسُ مَا فِي النّدَاءِ وَالصّفّ الأَوّلِ ثُمّ لَمْ يَجِدُوا إلاّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُ النّاسُ مَا فِي التّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إلَيْهِ، وَلَوْ عَلِمُوا مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوا" (رواه البخاري ومسلم). ونقصد بالتحفيز هنا التقدير السليم والمباشر لأعمال أولادنا الحسنة، والاعتراف بجهدهم، والثناء عليهم، ومكافأتهم إن أمكن، يقول الإمام علي رضي الله عنه: "لا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان، وتدريبا لأهل الإساءة على الإساءة". فإن إحساس أولادنا بأننا نجيد المحاسبة والعقاب على أخطائهم، ونتقن اللوم والتقريع حين تجاوزاتهم، ونتعامل معهم بأنواع التبكيت والتوبيخ عندما نلحظ الخطايا فيهم، إنَّ ذلك كله يؤكد فيهم اللامبالاة والتسيب، ويجعلهم يتقاعسون عن القيام بواجباتهم، ويُصابون بشيء من الإحباط والضيق. ثالثاً: ومن القواعد التي ذكرها التربويون في شأن المكافأة للأولاد على أعمالهم: 1- كافئ السلوك الجيد بدون تأجيل ولا تردد، مكافأة شعورية عاطفية، مثل: (الابتسامة، والقبلة، والعناق، وامتداح الذات والسلوك، والربت على الكتف). أو مكافأة مادية، مثل: (نقود، وحلوى، ولعبة، وجهاز، وفسحة، والسماح بأمر ما). 2- لا تقبل مكافأة يشترطها ولدك على سلوك تأمره به، فهي هنا ليست مكافأة بل أجر قد حَدَّده مسبقاً، فلا تقبل أن يشترط الولد مكافأة على سلوك سيقوم به. 3- احذر مكافأة السلوك السيئ بالمؤثرات العاطفية أو الانشغال؛ فبكاء الولد أو امتناعه عن وظائفه لا يسمحان بالرضوخ لمطالبه غير المقبولة، وانشغال الوالدين عن الولد ليس بمبرر للسماح بما كان ممنوعاً في وقت سابق. 4- لا ينبغي إثابة الولد على عملٍ يجب عليه أداؤه؛ كواجبه المدرسي اليومي، أو أكل طعامه، أو استحمامه حتى لا يكون نفعيًّا في تعامله مع واجباته. 5- أوفِ بوعدك مباشرة إذا وعدت بمكافأة، فإن الولد لا ينسى ما تعده به بسهولة. 6- قَلِّل من العتاب على الأخطاء ما استطعت؛ حتى لا يعتاد ولدك المعاتبة فتكون وعدمها سواء، ولكي لا تسقط هيبة الأب، ولكي لا يتحول الولد إلى العناد والمكابرة لكثرة تكرار العتاب معه على القليل والكثير. 7- عاقب بلا قسوة ولا عنف؛ فالتربية تسير بمجدافي الثواب والعقاب، إلا أن العقاب يجب ألا يتحول إلى إيذاء جسدي أو نفسي فيحيد عن هدفه، وحينها ينتهي أثره الإيجابي سريعاً، لتبقى آثاره السلبية في ذاكرة أولادنا، وتؤثر على صحتهم النفسية ومستقبل حياتهم. رابعاً: 1- امتنع منذ الآن عن منح ابنك أجراً مقابل قيامه بواجباته، اجلس إليه، بين له أن هذا الفعل خاطئ، وثق أنه يتفهم ما تقوله له جيداً، ولا تحاسبه خلال (15) يوماً على مخالفته لتوجيهاتك دون أجر، حتى يعتاد المسار الجديد في تعاملك معه. 2- خلال هذه الفترة اجعل من كلماتك، ونظراتك، وملامح وجهك، وإشارة يديك، رسائل إيجابية، فيها من معاني الحب والاشتياق والتقدير ما يُشعره بأهميتها بدلاً من الأجور التي يطلبها، كرر على مسمعه بين الفينة والأخرى (أنا أحبك، من فضل الله عليَّ أنَّكَ ولدي، أنت متميز، أنت ذكي، ما رأيكَ في كذا، ما شاء الله موهبتك عالية، أنا معجب بك، أنا أثق فيك)، أشبعه عاطفياً من خلال (التقبيل، العناق، المصافحة، الابتسامة، المشاورة، المصاحبة في بعض شؤونك، ومشاركته اللعب والمرح، الاختباء منه والجري وراءه، تقديم الهدايا له بلا شروط)، حافظ على ممارسة هذه السلوكيات حتى أثناء مزاولة أعمال المنزل. 3- اعمل على التنويع في أسلوب توجيه طلباتك، لا يلزم أن تكون دائماً أوامر عسكرية صارمة، لتكن أحياناً مغلفة بشيء من الدعابة أو اللعب أو المنافسة على الإنجاز. أحطها بسياج من التلطف والابتسامة والاستئذان، واحترم رغبته في تنفيذ ما يحبه وما لا يرتاح إليه، واحترم كذلك جاهزيته ونفسيته، فإنك بهذا تكسب ودَّه، وتعينه على تحقيق ما تصبو إليه. 4- تعامل مع ولدك على أنه إنسان ناضج فاهم، أقنعه بمودة وصداقة وهدوء، بين له لماذا هذا الفعل خاطئاً، ولماذا هذا الفعل صحيحا،، ولتكن له في المنزل بيئة مناسبة لممارسة أنشطته، وإشباع حاجاته النفسية، ولتكون سبباً للتقارب بينكما وبينه. 5- يقول الدكتور سبوك (إننا نعكس توترنا على الأطفال في أحيان كثيرة، فيبدأ الطفل في التمرد على أي أمر نصدره إليه)، فحين إصدارك للتوجيهات ينبغي أن تكون نفسك صافية، لا ضيق فيها ولا توتر. إن ذلك مدعاة أن يكون طلبك لطيفاً، وقبول ولدك لطلبك جميلاً. وفقك الله لكل خير، وبارك لك في ولدك وزوجك ومالك، وأسعدكم في الدنيا والآخرة، ويسرنا تواصلك مع موقعك (الإسلام اليوم)، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عادل الخوفي موقع الإسلام اليوم | |
|