عليكم ورحمة الله وبركآته
السؤال /
ما الفرق بين قوله تعالى في سورة نوح عليه السلام : ( يغفر لكم من ذنوبكم ) والآيات التي ورد فيها : ( يغفر لكم ذنوبكم ) ؟
الجواب /
وَرَد في مواضع من القرآن : (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ، وفي مواضع أخر
: (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) ، وفي مواضع : (لِيَغْفِرَ لَكُمْ
مِنْ ذُنُوبِكُمْ) .
فالآيات التي فيها (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) على أن المغفرة لِجميع الذنوب .
والتي فيها (مِنْ) على أن المغفرة ليست لجميع الذنوب ، ويكون ما استُثني أحد أمرين :
الأول : حقوق العباد .
والثاني : ما يكون بعد الإيمان ، فتكون المغفرة على ما تقدّم مِن الذنوب ، لا على ما تأخّر .
وفي آية " الأحقاف " :
(يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ
مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)
قال البغوي : "مِن" صِلة ، أي : يغفر لكم ذنوبكم . وقيل : يعني ما سَلَف مِن ذنوبكم إلى وقت الإيمان ، وذلك بعض ذنوبهم . اهـ .
وقال القرطبي : وقيل : لا
يصح كونها زائدة ، لأن " مِن " لا تُزاد في الواجب ، وإنما هي هنا للتبعيض ،
وهو بعض الذنوب ، وهو ما لا يتعلق بحقوق المخلوقين .
وقال ابن كثير : قيل : إن "من" هاهنا زائدة وفيه نظر ؛ لأن زيادتها في الإثبات قليل . وقيل : إنها على بابها للتبغيض . اهـ .
وقال في آية سورة " نوح " :
و" من " هاهنا قيل : إنها زائدة . ولكن القول بزيادتها في الإثبات قليل .
ومنه قول بعض العرب : "قد كان مِن مَطر" . وقيل : إنها بمعنى "عن" ، تقديره
: يصفح لكم عن ذنوبكم ، واختاره ابن جرير . وقيل : إنها للتبعيض ، أي يغفر
لكم الذنوب العظام التي وعدكم على ارتكابكم إياها الانتقام . اهـ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد