موضوع: فن التعامل مع الناس 2 (الاعتراف بالخطأ ) الجمعة أغسطس 05, 2011 4:02 pm
فن التعامل مع الناس 2 (الاعتراف بالخطأ ) الخطأ في حياة الناس أمر وارد الحدوث فلسنا ملائكة ، ولايستطيع إنسان أن يدعي العصمة مهما كان شأنه فيقول أنا لا أخطئ إلا الأنبياءوالمرسلين، وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال: "كل بني آدم خطاء وخيرالخطائين التوابون"
والخطأ الحقيقي هو تمادي البعض في خطئهم، وعدم اعترافهم به، والإصرار عليه،والجدال عنه بالباطل، واعتبار الرجوع عنه نقيصة ، وهذه مصيبة المصائب .
وعندنا في الشرع أنه ليس لصاحب بدعة توبة لما في الحديث: "إن اللهحجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته" صححهالألبانيفي صحيح الترغيب. لماذا لا يقبل توبة المبتدع لأنه مفتون بها لا يقر بخطئه .
لماذا لا نعترف بأخطائنا ؟ إنّ أحد أهم الامراض التي ابتلي بها المجتمع بصورة عامة هو تبرير الأخطاء في صور مختلفة ؛ حيث ينحرف بها الخاص والعام عن الطريق المستقيم . كثير من الذين يخطئون لا يعترفون بخطئهم لعدة أسباب ما هي وما علاجها ؟
1) الجدل والتبرير:الكثير من الناس يبحثون عن الأعذار والأوهام، كي يقدموها ليُخفوا خلفهاخطأهم، ويُداروا بها عيوبهم، فيستمرون في خطئهم الذي بدأوه، وهم بذلك قد أضرواأنفسهم قبل أن يضروا غيرهم، وأساءوا إلى أنفسهم قبل أن يُسيئوا إلىغيرهم. وقد يكونالسبب وراء استسهال هذا التبرير وعدم الاعتراف بالخطأ والرجوع إلى الحق هو أن يكونصاحب هذا السلوك قد أُوتي جدلاً، ولحنًا في القول، وقدرة على البيان والإقناع﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا﴾الكهف:54. ومنأمثلة هذا، الذي حكى عنه القرآن ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِيالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّالْخِصَامِ﴾ البقرة:204. فهذا الصنف شديد الحجة، قوي البيان، لدرجة أن الله قد وصف حديثهأنه سيُعجب النبي صلى الله عليه وسلم. فارق بين حالتين:وحتى تقترب الصورة أكثر وأكثر ، فإننا لدينا حالتان: حالة يمكنالاستدلال بها كصورة من صور الضعف، ومحاولات التبرير، وقلب الحقائق والإصرار علىالخطأ والتمادي في الباطل. وحالة أخرى يُمكننا الاستدلال بها كنموذج للمراجعةوالتصحيح، والاعتراف بالخطأ والعودة إلى الصواب، وتصحيحالمسار. إبليس: فربه قد أمره بالسجود فأبى، فلما سأله عن السبب﴿... يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّأَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ ص75. برر موقفه، وجادل بالباطل،وأصر على موقفه ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُمِنْ طِينٍ . قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَإِنَّ عَلَيْكَلَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ طه:76-78آدم: أيضًا أخطأ،لكنه سارع بالرجوع إلى الحق، والاعتراف بالخطأ، والمطالبةبالعفو والمغفرة هو وزوجته ﴿قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْلَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(الأعراف:23
أمثلة : -واحد لا يصلي :اعترف واستغفر وتب إلى الله !!! لا لا يقول أنا أحسن من الذين يصلون أنا أعرف من يصلون ويسرقون وأعرف واحد يصلي ويشرب الخمر ...المهم أن قلبي أبيض !!! - واحدة غير محجبة : الحجاب فريضة توبي إلى الله ... لا لا أنا أحسن من المحجبة هو الحجاب كل حاجة في الدين الحجاب في القلب - كم من مشكلة بين زوج وزوجته علاجها الاعتراف بالخطأ ؟ يأبى الزوج أن يعترف بخطأه ، وتأبى الزوجة أن تعترف بخطأها ... - كم من مشكلة بين اثنين علاجها الاعتراف بالخطأ ؟ علاجها كلمة اعتذار - حوادث السيارات تجد من لا يحترم قوانين السير ويعتدي على غيره ولا يعترف بالخطأ !! 75% من المشاكل هي عناد وعدم اعتراف بالخطأ
إذن نقول الحق ولو على أنفسنا أقول أنا مخطئ لا أجامل نفسي واتبع هواي (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا ) اتبع مزاجي حتى لا أظهر أني غلطان . وفي الحديث (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ...) وعدّ النبي ذلك من الكبر فقال"لا يدخل الجنةَ من كان في قلبه مثقالُ ذرّة من كِبْر"، فقال رجل: إن الرجلَ يحب أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسناً قال: "إنّ الله جميلٌ يحب الجمال ؛الكبر بطر الحق وغمط الناس" رواه مسلم. ومعنى بطر الحق: دفعه وردُّه على قائله وعدم الاعتراف به . ومعنى غمط الناس: احتقارهم.
2) الاعتدادبالرأي: البعض تجدهم يتعصبون لآرائهم ولا يقبلون بغيرها حتى وإن كان هذا الغير أصح وأصوب ، أماالقوامون بالقسطفهم الذين يحملهم تواضعهم على قبول الرأي الآخر، وتقديره والثناءعليه متى كان فيه الخير والصواب رافعين شعار "قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأيحتمل الصواب". وهم لا يُقدسون أنفسهم فيدعون العصمة من الخطأ، ولا يستخفون بآراء الآخرين أو يُسفهونهاكي لا تتضح معالم الخطأ في قراراتهم.
بل إن الناجحين دائمالهم محطات في حياتهم يُراجعون فيها أنفسهم ويصححون فيها مسارهم، حتى لا يسترسلون فيخطأ وقعوا فيه، أو هوى انساقوا إليه، فإذا كان هناك ثمة خطأ أو هوى عالجوه قبل أنيستفحل. فهم ليسوا كالصنفمن الناس الذين يُحددون لأنفسهم قناعات لا يحيدون عنها، أو قرارات لا تقبل المراجعةوالتصحيح، فحينئذ لن يسلموا في قراراتهم من هوى مطغٍ، أو خطأمهلك. بل يوقنون بأنالإنسان بشر، والبشر قد يجتهد ومهما كان اجتهاده للوصول إلى القرار الصحيح، فإناحتمالات الخطأ وارده، ولا بد من تداركها، ولن يكون هذا إلا بالاعتراف بالخطأابتداءً.
3) ترك المشورة:بعض الناس لا يُفضلون استشارة من حولهم أو الاستئناس برأيهم حول قضية منالقضايا، خشية أن يُظهر ذلك عدم كفاءتهم أو عجزهم عن اتخاذ القرارات أو لتكبّر جبلتعليه نفوسهم. أما أصحاب الفهم فيحرصون على الشورى، ويلتمسون فيها الخير والبركة، ولا مانع عندهم من العودة فيآرائهم متى رأوا الصواب في غيرها،وقد قيل لاخاب من استشار ، ولا ندم من استخار . 4) بعدالغضب:يتصرف الواحدمنا في غضبه تصرفات فيها الكثير من الأخطاء، يندم عليها بعد هدوئه لكنه لا يعترف بخطئه يبرر ما فعل على شماعة الغضب وكأنه لم يفعل شيئا .
أما القوامون بالقسط لا يضيرهم أبدًا أن يعملوا على إصلاح ما أفسدوه في لحظاتالغضب، ولا يُكابرون في ذلك، بل ويُسارعون إلى الاعتذار إذا كان الأمر يستوجبالاعتذار، ويُصلحون من شأن ما أتلفوه إذا كان الأمر يستدعي الإصلاح .
5)التبرير بالقضاء والقدر هناك من يحمِّل القضاء أسباب فشله وعجزه وضعفه، كمن يصر على فسقه ويتمسك بالقدر يحمِّله وزر فسقه، فإن وعظته قال: إن هداني الله اهتديت....
وتجد بعض المسئولين الذين يغشون في المشاريع أو في البدائل والاحتياطيات عند مواجهة الأزمات والكوارث بما يضمن حياة الناس فيعلقون المسؤولية على شماعة القدر !!! وبهذا اللحن من الكلام يكون لهم باب الفرار من المسؤولية والواجب . نرى المشركين ولأجل أن يبرئوا أنفسهم من مسؤولية انحرافهم يقولون : ( لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيءٍ ) 148 الانعام .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{ احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت ...، ولكن قدر الله وما شاء فعل}.
الرسول صلى الله عليه وسلم يريد من المسلم أن يفكر ويخطط ويأخذ بالأسباب ؛ لأن حياتنا قائمة على الأسباب. وقد طابق قوله فعله صلى الله عليه وسلم ، فقد اتخذ في أمر هجرته جميع الاحتياطيات: من شراء الراحلة وتأمين الدليل الذي يرشده إلى الطريق الآمن، والتكتم الشديد ، وتكليف علي أن ينام في فراشه واختبأ في غار ثور ثلاثة أيام، .... كل هذا لتنجح الرحلة؛ لأنه عمل ما عليه مستعيناً بالله فتم له ما أراد، ووصل إلى مقصده سالماً آمناً لم تمتد إليه يد سوء.
وفي غزوة أُحد حدث خطأ في فهم الأمر النبوي، كان جزاؤه قتل سبعين من خيار الصحابة، وشج النبي وكسر رباعيته، ومع ذلك لم يحمِّل واحد منهم القضاء والقدر المسئولية، بل تحملوها راضين عالمين أن أفعال الله كلها خير، تمحص المؤمنين وتمحق الكافرين، ولما احتج المنافقون بالقدر تحداهم أن يدفعوا عن أنفسهم الموت .
والعجيب أننا نجعل التبرير بالقضاء والقدر في الأخطاء فقط لا في الطاعات ، لذلك لن تجد من ينفق ماله كله صدقة ويقول هذا قضاء الله وقدره !!! أومن يقيم الليل كله ويقول هذا قضاء الله وقدره !!!
6) الخداع السياسي كثير من الزعماء والساسة والقادة يبررون أخطاءهم بالكذب والخداع إما تحت شعار المصلحة العليا أو الأمن القومي ، أو لبس عباءة الدين. تبرير سفاك التاريخ : كانت علامة قبول القرابين نزول النار عليها من السماء وإحراقها ، وإذا لم تحترق فهو دليل على عدم قبول القربان . كان الحجاج بن يوسف الثقفي وهو احد المتعطشين للدماء ، وحينما التجأ عبد الله بن الزبير إلى الكعبة ؛ نصب المنجنيق وهدم الكعبة ولم يهتم بحرمتها ، فعندها نزلت صاعقة من السماء وأحرقت المنجنيق فخاف جيش الحجاج وتوقف عن الرمي نحو الكعبة ، فقال الحجاج: إن عملكم هذا مقبول بدليل أن النار نزلت من السماء فأحرقت المنجنيق (كما كان سابقاً من قبول القرابين) .
( حفظ الأمن ) إن إحدى التبريرات السياسية على مر التاريخ والتي استفاد منها اغلب المجرمين الغاصبين هي كلمة ( حفظ الأمن ) كما أن أمريكا الآن تحت اسم( حفظ أمن المنطقة ) ترتكب الجرائم البشعة والظلم وقتل الأبرياء .
7) العرف الاجتماعي (انتشار شئ خاطئ أو عادة قبيحة في مجتمع ما والحجة كل الناس تعمل ذلك )
تنفيذ الأوامر ويقولون (أنا عبد مأمور ) و(المأمور معذور ) في الآية قوله تعالى : ( وقالوا ربّنا إنّا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السّبيلا ) 67 الأحزاب
9) التبريرات النفسية مثل : - المدمن على التدخين يقول : لا أستطيع ترك هذه العادة ثم إنها مكروهة - أدب طفلك ، فيقول : أخاف أن اضغط عليه فيصاب بالعقدة النفسية . - فلان صديقك يفعل المعصية الفلانية لماذا لا تنصحه يقول لا أريد إحراجه - يسخر من الآخرين : و يقول أنا أمزح أو أتسلى
وغير ذلك كثير من التبريرات النفسية .
نسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يهدينا إلى الحق وإلى صراط مستقيم .