أفعال ليس لها أصل في أحكام الطواف

عدد المساهمات : 697 تاريخ التسجيل : 10/05/2011

أفعال ليس لها أصل في أحكام الطواف

كتب الأخ الشيخ أبو الكلام القاسمي المظاهري من الهند يقول بأنه قد ورد في بعض كتب الفقه

باللغة الأردية، أنه لا يجوز النظر إلى الكعبة في أثناء الطواف في بيت الله الحرام، وأنه لا يجوز

تقليب الصدر إلى الكعبة في أثناء الطواف، ويسأل عن الحكم في ذلك.

كثيراً ما تكون بعض الفتاوى ناتجة من بدع تناقلتها العامة جيلاً بعد جيل.

وتشتد خطورة هذه البدع عندما يكون مناطها العقيدة، كما يحدث عند بعض العامة من الحلف بغير

الله أو التقرب إلى الأولياء والصالحين، ودعائهم ابتغاء شفاعتهم وتحقيق حاجاتهم. كما يشتد خطر

هذه البدع عندما يستمرئها العامة فيصعب إقناعهم ببطلانها، بل يتهمون من يحاول إقناعهم

بالفساد في دينه.

ولم تكن الفرق والملل والنحل التي عاشتها الأمة في مراحل عدة من تاريخها إلا نتيجة بدع

نشأت صغيرة، ثم تطورت إلى الحد الذي جعل أصحابها يرونها عقيدة يجب الدفاع عنها، وما تتلى

ذلك من التفرق والتعصب والتقاتل بين وحدات الأمة.

والبدع لا تقتصر على أمر دون آخر فمنها ما هو في الصلاة ومنها ما هو في الحج والعمرة، ومنها

في غير ذلك من أمور العبادة، فمثلاً من الأمور التي لا يرى فيها بعض الحجاج والعمار بأساً أن

خروجهم من البيت بعد طواف الوداع يجب أن يكون وهم مستقبلو البيت غير مستدبريه، ومنها

غسل حصى الرمي وتكبيره.

ومنها غسل أكفانهم من ماء زمزم والخروج معهم بشيء من المشاعر كالحصى أو التراب للتبرك

به، وهذا كله لا أصل له ولا دليل عليه من الشرع.

هذا من حيث العموم، أما من حيث السؤال فليس هناك - فيما نعلم - دليل فيما ذهب إليه أصحاب

الكتب المشار إليها، بل إن الأمر يدل على عدم صحتها لسببين:

أولاً: أنه لم يرد عن رسول الله ولا عن صحابته ولا في كتب الفقه المعتبرة - وخاصة كتب المذهب

الحنفي مرجع هذه الكتب - ما يدل على ذلك، بل إن فعل رسول الله يدل على خلافه، فكان إذا

دخل البيت ابتدأ بالحجر فاستقبله وكبر وهلل ورفع يديه، وكان في طوافه على راحلته يستلم

الحجر بمحجن معه لما رواه ابن عباس عن جابر -رضي الله عنهما- قال طاف النبي في حجة

الوداع يستلم الركن بمحجن معه(1).

وهذا يدل على أنه - عليه الصلاة والسلام - ينظر إلى الكعبة لكي يرى الركن فيستلمه، وكان

يفعل ذلك في كل طوافه، لما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله كان لا يدع أن يستلم

الركن اليماني والحجر في كل طوافه(2).

وفي حديث ابن جريج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا رأى البيت رفع يديه وقال: (اللهم

زد هذا البيت تشريفاً وتكريماً وتعظيماً وبراً) (1).

وعن سعيد بن المسيب أنه كان حين ينظر إلى البيت يقول: (اللهم أنت السلام ومنك السلام حيّنا

ربنا بالسلام)(2).

ومن أحكام الطواف أن الطائف يحاذي الحجر بجميع بدنه؛ لأن ظاهر فعل رسول الله - صلى الله

عليه وسلم- أنه استقبل الحجر بجميع بدنه، وهذا يدل على نظره إلى البيت.

السبب الثاني: إذا قيل بعدم جواز النظر إلى الكعبة، فإن الطائف يطوف وهو مخف نظره، وهذا

خطأ، بل غير ممكن؛ لأن عليه أن يرفع بصره ليرى البيت وهو يطوف حوله.

وينبني على هذا أن ما ذكر في الكتب المشار إليها لا أصل له.

والله أعلم.

سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين

المصدر www.ibn-jebreen.com

» أحكام المسجد الحرام
» الأضحية وما يتعلق بها من أحكام ( بحث )
» فوائد و أحكام عن شهر صفر
» بعض أحكام الأضحية ومشروعيتها
» أحكام الأضحية ومشروعيتها