السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رمضان شهر المغفرة، يغفر
اللَّه فيه ذنوب المؤمنين المتقين، ويعتق رقابَهم من النار، فمن صام رمضان
إيمانًا واحتسابًا، ومن قام ليله إيمانًا واحتسابًا، غفر اللَّه له ما
تقدَّم من ذنبه، ومن أعرض عن أسباب المغفرة في رمضان، فأدرك رمضان ولم
يُغفر له، فمتى يدرك عفو اللَّه ومغفرته؟! إن اللَّه – تعالى - يبعده
ويطرده، استجابةً منه سبحانه لدعاء أمين السماء وأمين الأرض: ((بَعُدَ عن
اللَّه من أدرك رمضان فلم يُغفر له)).
وإذا كان موسم الخير قد انقضى بانقضاء رمضان، فإنَّ
فعل الخيرات لا ينقضي، وأسباب المغفرة موصولة أبدًا لا تنقطع ولا تنتهي،
ومن حَصَّلَ المغفرة في رمضان لا يعدم أسباب المغفرة بعد رمضان، وأسباب
المغفرة كثيرة ويسيرة على من وفَّقه اللَّه، وهذه بعض أسباب المغفرة نعرضها
مع أدلتها باختصار شديد:
التوحيد وترك الشرك من أعظم أسباب المغفرة:
قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ
عَظِيمٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ
أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [المائدة: 9-10].
وقال تعالى: {إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 2 - 4].
وقال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}
[النساء: 48]، وفي الحديث القدسي يقول اللَّه - عزَّ وجلَّ -: ((يا ابن
آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تُشرك بي شيئًا لأتيتك
بقرابها مغفرة))؛ الترمذي (3540)، وفي "صحيح مسلم": ((من جاء بالحسنة، فله
عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب
مني شبرًا، تقربت منه ذراعًا، ومن تقرَّب مني ذراعًا، تقرَّبت منه باعًا،
ومن أتاني يَمشي، أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي
شيئًا، لقيته بمثلها مغفرة"؛ مسلم (2687).
وفي حديث أبي ذر فيمن مات على التوحيد:
((ما من عبد قال: لا إله إلا اللَّه، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، وإن
زَنَى وإن سرق، رغم أنف أبي ذر))؛ قال البخاري: هذا عند الموت أو قبله إذا
تاب وندم، وقال: لا إله إلا اللَّه، غُفِرَ له.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، كحديث عثمان عند مسلم: ((مَن مات وهو يعلم أنه لا إله إلا اللَّه، دخل الجنة)).
وحديث البطاقة عند الترمذي وأحمد صريح في ذلك؛ حيثُ تطيش سجلات الذنوب وترجح كلمة الإخلاص.
الاستغفار:
قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 199]، وقال تعالى: {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285]، وقال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 110].
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا
فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ
وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ
جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 135-136].
وفي الحديث القدسي: ((يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي)).
وإذا أذنب العبد ذنبًا ثم استغفر
اللَّه، قال اللَّه - عزَّ وجلَّ - للملائكة: ((علم عبدي أن له ربًّا يأخذ
بالذَّنب، ويغفر الذنب، أشهدكم أنِّي قد غفرت له))، والأحاديث في هذا كثيرة
مشهورة.
التقوى:
قال تعالى: {يِا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إَن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا
وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو
الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال: 29].
الدعاء مع رجاء الإجابة:
قال تعالى في الحديث القدسي: ((يا ابن آدم، إنَّك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي)).
ويدخل في ذلك دعاء الولد لوالده؛ كما في الحديث: ((إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث..)) ذكر منها: ((أو ولد صالح يدعو له)).
اتِّباع الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31].
الإنفاق في سبيل اللَّه في السَّراء والضراء، وكظم الغيظ، والعفو مع القدرة:
قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ
وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133-134]، وقال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40].
الصبر مع العمل الصالح:
قال تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود: 11]، وقال تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43].
الوضوء مع الإسباغ:
عن عثمان قال: رأيت رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - توضَّأ مثل
وضوئي هذا، ثم قال: ((من توضأ هكذا، غُفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته
ومشيه إلى المسجد نافلة))؛ أي: زيادة ثواب؛ مسلم.
وفي رواية ابن ماجه: ((من توضأ مثل وضوئي هذا، غُفر له ما تقدم من ذنبه)).
والأحاديث في تكفير الخطايا بسبب الوضوء كثيرة.
الذكر بعد الوضوء:
عن عمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ
- أو فيسبغ - الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبد
اللَّه ورسوله، فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء))؛ مسلم
(234).
وفي رواية الترمذي: ((اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)).
صلاة ركعتين بعد الوضوء:
عن عقبة بن عامر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما من مُسلم
يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين، مقبلٌ عليهما بقلبه ووجهه، إلاَّ
وجبت له الجنة))؛ مسلم.
وعن عثمان عن النبي - صلَّى الله عليه
وسلَّم -: ((مَن توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه،
غفر له ما تقدم من ذنبه))؛ متفق عليه، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((لا يتوضأ رجل فيحسن وضوءه، ثم يصلي الصلاة، إلا غفر له ما بينه وبين
الصلاة التي تليها))؛ مسلم.
وهذه الصلاة مع المحافظة على الوضوء من
أرجى الأعمال الموجبة للجنَّة؛ كما في حديث بلال حين سأله النبي - صلَّى
الله عليه وسلَّم - عن أرجى عمل عمله، فقال بلال - رضي الله عنه -: ((ما
أحدثتُ إلا توضأت، وما توضأتُ إلا صليت)).
الأذان للصلاة:
ففي "صحيح الجامع الصغير": قال رسولُ اللَّه: ((يغفر للمؤذن مُنتهى
أذانه، ويستغفر له كل رطب ويابس))، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((المؤذن يغفر له مَدَّ صوته، وأجره مثل أجر من صلَّى معه))، وقال - صلَّى
الله عليه وسلَّم -: ((إن اللَّه وملائكته يصلون على الصف الأول، والمؤذن
يُغْفَر له مَدَّ صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر مَن صلى
معه)).
إجابة المؤذن وترديد الأذان:
عن سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال - صلَّى
الله عليه وسلَّم -: ((من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا اللَّه
وحْدَه لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت باللَّه ربًّا، وبمحمد
رسولاً، وبالإسلام دينًا - غُفر له ذنبه))؛ مسلم.
وإجابة المؤذن والدُّعاء بعد الأذان سبب
لشفاعة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - للمسلم، وسبب لصلاة اللَّه -
عزَّ وجلَّ - على عبده، وسبب لإجابة دعوته.
المشي إلى المساجد للجُمع والجماعات:
قال رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألا أخبركم بما يَمحو
اللَّه به الخطايا، ويرفع به الدَّرجات: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة
الخُطَى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط)).
وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((والكفَّارات: إسباغ الوضوء على الكريهات، ونقل الخطى إلى الجمعات -
الجماعات - والمكث في المساجد بعد الصلوات))، وقال - صلَّى الله عليه
وسلَّم -: ((مَن غسَّل واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من
الإمام، فاستمع ولم يلغ - كانت له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها
وقيامها)).
الصلوات الخمس، وصلاة الجماعة:
قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - مُكفرات لما
بينهن إذا اجتنبت الكبائر))؛ متفق عليه.
وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أرأيتم لو أنَّ نَهرًا بباب أحدكم
يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟)) قالوا: لا يا رسول
اللَّه، قال: ((فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو اللَّه بهن الخطايا)).
جاء رجل إلى النبي - صلَّى الله عليه
وسلَّم - فقال: يا رسول اللَّه، أصبتُ حدًّا، فأقمه عليَّ، قال: وَحَضَرَتِ
الصلاةُ، فصلَّى مع رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلما قضى
الصلاة، قال: يا رسول اللَّه، إنِّي أصبت حدًّا، فأقم فيَّ كتاب اللَّه،
قال: ((هل حضرت الصلاة معنا؟)) قال: نعم، قال: ((قد غُفر لك))؛ مسلم (2764،
2765).
وفي رواية: قال رسول اللَّه - صلَّى
الله عليه وسلَّم - للرجل: ((أرأيت حين خرجت من بيتك، أليس قد توضأت فأحسنت
الوضوء؟)) قال: بلى، قال: ((ثم شهدت الصلاة معنا؟))، قال: نعم يا رسول
اللَّه، فقال له رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فإن اللَّه قد
غفر لك حدَّك))، أو قال: ((ذنبك))؛ مسلم، (2765).
وفي الصحيحين أنه نزلت في شأن ذلك الرجل
هذه الآية: {أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ
اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى
لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]، فقال رجل: هذا له خاصة؟ قال: ((بل للنَّاس
كافة)).
وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن
توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة، فصلاها مع الناس
أو مع الجماعة أو في المسجد - غفر اللَّه له ذنوبه))؛ مسلم (232).
صلاة الجمعة:
قال تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ
الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ
خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].
قال رسول اللَّه - صلَّى الله عليه
وسلَّم -: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مُكفِّرات
لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر))؛ متفق عليه.
وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من
اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي
معه - غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام))؛ مسلم (857).
وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يغتسل رجل يومَ الجمعة، ويتطهر ما
استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يَمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين
اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلَّم الإمام - إلاَّ غفر له ما
بينه وبين الجمعة الأخرى))؛ البخاري (883، 910)، والنَّسائي (1403).
التأمين خلف الإمام:
قال رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أَمَّنَ الإمام
فأمِّنوا، فإنه مَن وافق تأمينه تأمين الملائكة، غُفر له ما تقدَّم من
ذنبه))؛ مسلم (410).
وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين،
والملائكة في السماء: آمين، فوافق إحداهما الأخرى، غُفر له ما تقدم من
ذنبه))؛ مسلم (410).
قول: ((ربنا ولك الحمد)):
قال رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا قال الإمام: سمع
اللَّه لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، فإنه من وافق قوله قول
الملائكة، غُفر له ما تقدم من ذنبه))؛ مسلم.
صلاة الضحى مع الجلوس للذكر بعد الغداة:
روى الترمذي بسند فيه ضعف: ((مَن حافظ على شفعة الضُّحى، غفر له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر)).
وعند أبي داود بسند فيه مقال: ((مَن قعد
في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يسبح ركعتي الضُّحى لا يقول إلا
خيرًا، غفر له خطاياه، وإن كانت أكثر من زبد البحر)).
وفي صحيح مسلم: ((كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يقوم من مصلاه حتى تَطلُع الشمس)).
وعند الترمذي: ((مَن صلَّى الفجر في جماعة، ثم قَعَدَ يذكر اللَّه حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين - كانت له كأجر حجة))؛ حديث حسن.
وعند الطبراني: ((مَن صلى الصبح في مسجد جماعة، ثم مكث حتَّى يسبح تسبيحة الضحى - كان له كأجر حاج ومعتمر تام له حجته وعمرته)).
قيام الليل، خاصة في رمضان، وفي ليلة القدر:
قال رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه)).
وقال: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه)).
الذكر بعد الصلاة:
قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من سبح اللَّه في دُبُرِ كل صلاة
ثلاثًا وثلاثين، وحمد اللَّه ثلاثًا وثلاثين، وكَبَّر اللَّه ثلاثًا
وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، ثم قال تمام المائة: لا إله إلا اللَّه وحده لا
شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفر له خطاياه وإن كانت
مثل زبد البحر))؛ أحمد (8478).
وفي رواية أخرى: ((غفر له ذنبه ولو كان أكثر من زبد البحر)).
وبعدُ أخي القارئ:
فهذا غيض من فيض، يتعرَّض له المسلم كل
يوم خمس مرات مع كل صلاة يصليها، فتغفر خطاياه مهما عظمت، وإن كانت مثلَ
زَبَدِ البحر، فاحرص أخي المسلم على أسبابِ المغفرة، فلا تفرط فيها، عسى
أنْ يغفر لك اللَّه الذُّنوب ويستر العيوب، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى اللَّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صلاة التسابيح:
ورد في فضلها أحاديثُ كثيرة، أكثرها ضعيف، ولكن حسَّن بعض أهل العلم بعض
طرق هذه الأحاديث، وفيها: ((فلو كانت ذنوبك مثل رمل عالج، غفرها اللَّه
لك))؛ ابن ماجه (1386)، وصححه الألباني - رحمه اللَّه.
د.جمال المراكبى