قيادة الأسود لا قيادة الأرانب
هل تريد أن تصبح شاب ناجح فى المستقبل ؟؟؟
هل تريد أن تتعلم و تكتسب المهارات الأساسية؟؟
"منتدى تطوير الذات والشخصية "
يساعدك على النجاح والتميز والريادة الأن وغدا
يقول نابليون : جيش من الأرانب يقوده أسد , خير من جيش من الأسود يقوده أرنب .. !
وذكرنا أن الحقيقة أن الأفضل من ذلك هو: جيش من الأسود يقوده أسد .
وقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل من أتباعه قادة , ولذلك استمر الإسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم , لأنه كان هناك قادة من بعده يحملون هم هذا الدين , ويستشعرون بالمسؤولية تجاه نشره , وقادرين على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب .
والناظر في سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام , يجد كيف كان يتعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه على أنهم أسود , بمعنى أنهم قادة لهم رأي , ولهم مواقف , ويشاركون في صنع القرار , وكمثال على ذلك ؛ في غزوة بدر حينما نزل النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل في مكان معين , جاءه رجل لم يكن قائدا في الجيش ولكن جندي , هو الحباب بن المنذر رضي الله عنه، قال : " يا رسول الله أهذا منزل أنزلك ه الله (أي إذا كان وحي فلا يد لنا فيه ولا اعتراض) أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ "
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : ( بل هو الرأي والحرب والمكيدة ) قال : " فما هذا بمنزل ".
فقام النبي صلى الله عليه وسلم , وغيّر مكان الجيش الذي اختاره هو , وغير الخطة كلها بناءاً على اقتراح وجيه جاءه من جندي في الجيش .
وانظر إلى ما رواه الإمام أحمد عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خصمان يحتكمان فقال لعمرو: ( اقض بينهما يا عمرو ) فقال : أنت أولى بذلك مني يا رسول الله قال: وإن كان قال : فإذا قضيت بينهما فما لي ؟ قال: ( إن أنت قضيت بينهما فأصبت القضاء فلك عشر حسنات وإن أنت اجتهدت فأخطأت فلك حسنة ) فانظر كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا أن يجتهد الصحابة , وينظروا في القضايا , ويحكموا بين الناس , كما هو واضح في هذا المثال مع الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه .
والحقيقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعامل مع كل شخصية من صحابته بما يناسبها ,ولذا سنجد أن الصحابة من جهة القيادة كانوا أصنافا ثلاثة:
1) فبعض الصحابة كانت فيهم موهبة القيادة من قبل إسلامهم , فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على استغلالها وتنميتها وصقلها , كأمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين .
2) بينما كان هناك بعض الصحابة لم تتوافر القدرات القيادية , وكبروا على ذلك ثم أسلموا , فلم يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم قادة بل وجههم إلى ما يحسنون مثل الدعوة او العلم أو غير ذلك , مثل أبي ذر رضي الله عنه حيث قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا ذر إني لأراك ضعيفا وإني لأحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين )
3) وأما الصنف الثالث فهم شباب الصحابة الذبن نشأوا في الإسلام , فسنجد أن أغلبهم صار من القادة في المستقبل حين انتشرت الفتوحات , وتوزعوا في البلاد المختلفة , وصار أكثرهم زعماء فيها مثل : الحسن والحسين وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم ، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن الأصل أن البيئة التي صنعها النبي صلى الله عليه وسلم هي بيئة تصنيع قادة , وهي مدرسة متكاملة لازالت تخرج قادة متميزين جيلا بعد جيل على مر العصور , ولم يحدث في تاريخ الإسلام في أي عصر من العصور أن فشل في إخراج قادة يحملون همه , ويستشعرون بالمسؤولية تجاهه ,ويضحون بالغالي والنفيس لنصرته .
أزمة عصرية:
ولعلها تكون مشكلة منتشرة في زماننا اليوم ألا وهي تربية الأتباع تربية عبيد لا تربية قادة ، في المؤسسات تجدها في أغلب الأحيان تمارس نظاما إداريا مركزيا لا يهتم بالأتباع ذوي الكفاءات العالية , بل قد تجد المديرين في المراكز العليا يخافون ويبتعدون عن تعيين ذوي الكفاءة العالية حتى لا يأخذوا مكانهم في المستقبل ، وتجدهم كذلك غير حريصين على تطوير موظفيهم تطويرا حقيقيا يؤهلهم ليخلفوهم من بعدهم في المراكز القيادية ، ولذا فهؤلاء القادة لا يعجبهم إلا أن يسير وراءهم مجموعة من الرعاع الذين لا يفقهون شيئا ولا يعرفون إلا جملة : وافق أو نافق أو فارق .
وبالطبع فوجود مثل هذه القوانين الخفية والأسس الدسيسة في المؤسسات اليوم ، يعتبر من أكبر أسباب فشلها ، وانطباعها بطابع السلبية وتعطل كفاتها الإنتاجية , ولا شك أن عدم وجود أتباع مخلصين واعين يعبرون عن آرائهم بشجاعة , ويستفسرون من قيادتهم عن أسباب قراراتهم ,ويقومون بواجب النصح لقادتهم يعتبر كارثة محققة لأي مؤسسة ، إن عدم وجود أمثال هؤلاء واستبدالهم بمجموعة من الرعاع الذين لا يحسنون إلا النباح والصياح لقيادتهم " عاش عهدكم المجيد " يهوي بكثير من الدول والشركات والمؤسسات إلى الهاوية .
وقد انتقد القرآن الكريم أهل مصر الذين اتبعو ا فرعون دون تفكير ، فعاقبهم الله بذلك قال تعالى " فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين "
ومن الأمثلة الخيالية التي تضرب على ذلك : أنه في يوم من الأيام كان هناك موكب استعراضي ضخم لأحد هؤلاء القادة وأثناء سيره في موكبه الضخم والجماهير الغفيرة تهتف له وتتبعه وتسير خلفه ، إذا برجل من وسط هذه الجماهير الغفيرة يصيح ويقول : انتبهوا أيها الناس أنتم تسيرون إلى الهاوية آخر هذا الطريق حفرة عظيمة لا تنتبهون إليها وستسقطون فيها فتهلككم جميعا فانتبهوا وحيدوا عن هذا الطريق " توقف الناس حوله وبدأوا يتساءلون فيما بينهم : كيف يكون ذلك وهل هناك حفرة حقا ؟ وإذا بقائدهم يشق طريقه بثقة إلى الأمام مرفوع الرأس في فخر وكبرياء ولا يستطيع أحد أن يكلمه أو يشير إليه أو يحذره ثم قالوا : لا شك طالما أنه بهذه الثقة أنه يعرف طريقه جيدا ويسير في الاتجاه الصحيح انظروا إليه وقد بدت علامات الثقة عليه ، اتبعوه ولا تقلقوا " وانطلقوا وراءه في حماسة أما القائد فبعد مدة بدت علامات القلق تبدو عليه إذ بدأت تتضح له علامات الخطأ وأنه يسير في طريق الهاوية فالتفت وراءه يسأل نفسه " هل من الممكن أن أكون ماشيا في الطريق الخاطئ ؟ لا شك أني أسير في الطريق الصحيح ، فكل هذه الجموع تتبعني ولا يمكن أن أكون قد انحرفت عن الطريق الصحيح " وهكذا انطلق هذا القائد بهم إلى الهاوية
التعامل الصحيح بين القادة والأتباع :
من هنا وجب على القادة أن يحترموا آراء أتباعهم ويحرصوا على استشارتهم , وعلى الأتباع أن يتبعوا قائدهم طاعة واعية لا طاعة عمياء , ويحرصوا على التأكد من صحة وجهة نظر القائد وتوافقها مع القيم والمبادئ الصحيحة , كما عليهم أن يقوموا بتصحيح مسار القائد إن أخطأ أو غفل أو سها , كما كان عمر رضي الله عنه يطلب من أتباعه فيقول لهم : " إن أحسنت فأعينوني وإن أخطأت فقوموني" فقام له رجل وقال : سنقومك بسيوفنا هذه يا عمر , فقال له عمر : " الحمدلله الذي جعل في أمة عمر من يقوم اعوجاجه بالسيف "
كذلك على الأتباع أن يكونوا إيجابيين ومبادرين , ويعمدوا إلى اتخاذ الإجراءات الصحيحة وعدم انتظار الأوامر فقط , وعليهم أن يفهموا أن قيادتهم بشر , وأي إنسان قد يصيب وقد يخطئ , وأي إنسان لا يحيط علما بجميع الأمور ، لذا فقد يلتفت أي جندي بسيط إلى شئ يفوت كبار القواد ولذا فعلى الأتباع تقديم النصيحة والمشورة دائما إلى قوادهم , وعلى القادة أن يحترموا آراء أتباعهم وينصتوا إليها ويأخذوها بمحمل الجد ، بل وعليهم تشجيع أتباعهم على إبداء آرائهم وعرض أفكارهم ، ومن أعظم الأمثلة التي تعلمنا كيف يجب ان يكون التابع إيجابيا ومبادرا ومقدما آرائه إلى قيادته مثال الهدهد مع سيدنا سليمان عليه السلام , فسيدنا سليمان عليه السلام كان ملكا نبيا , وكانت جنوده من الجن والإنس والطير , ومع كل هذا لم يمنع ذلك الهدهد أن يكون إيجابيا مبادرا , وأن يلفت قائده إلى شئ لم يحط به علما , فجاء الهدهد إلى سيدنا سليمان وحدثه بمنتهى الشجاعة والثقة وقال له " أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين , إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون " (سورة النمل)
ولا ينبغي أن تكتفي القيادة باحترام واستشارة أتباعها فقط ؛ بل عليها أن تصطفي من أتباعها من يصلح أن يكون أهلا للقيادة فتصنع منهم قادة ، ليخلفوهم بعد ذلك ، وهذا ما سنتحدث عنه المرة المقبلة إن شاء الله