عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: أقبل رجل غائر العينين، ناتئ الجبين، كث اللحية، مشرف الوجنتين، محلوق الرأس على النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا محمد اتق الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فمن يطيع الله إذا عصيته، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنونني، .. فلما ولى الرجل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن من ضئضئ هذا قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ) متفق عليه. المفردات غائر العينين: المراد أن عينيه داخلتان في موضعهما. ناتئ: مرتفع أو بارز . كث: كثيف . مشرف: عالي. ضئضئ: أي من أصله، يريد أنه يخرج من نسله وعقبه . أيأمنني الله : أي يجعلني أميناً على دينه . مروق: خروج. الرمية: هي الصيد المرمي. عاد: أمة قديمة أُرسل إليهم هود - عليه السلام -. المعنى الإجمالي الإبقاء على الإسلام نقياً كما أنزله الله، وكما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما طبقه الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم -، مطلب شرعي وغاية نبوية دعا إليها القرآن، وحث عليها النبي - عليه الصلاة والسلام - حيث دعا - عليه السلام - إلى الالتزام بسنته، وحذر من الخروج عن شرعته، وسلوك طريق المارقين والخارجين، وفي هذا الحديث يحذرنا - صلى الله عليه وسلم - من طائفة تخرج بعده، عليهم سيما العبادة والزهد ولكن مع قلة في العلم، وسوء في الفهم، وانحراف في الفكر والتصور، يقرؤون القرآن لكن دون تفهم لمراميه وفقه لمعانيه، هذا في الإطار النظري، وفي الإطار العملي فهم يناصبون أمة الإسلام العداء فيكفرونهم ويقتلونهم، ويسلم منهم الكفار المعاندون، في مظاهر مختلفة تدل على عظم خطرهم، وكبير شرهم، ما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوعد لئن أدركهم ليقتلنهم بنفسه، قتلاً كقتل الله قوم عاد في شدته، وفي ذلك أمر للأمة بقتالهم، والتصدي لشرورهم، وألا تغرنهم مظاهر العبادة التي يقومون بها عن القيام بواجب جهادهم . الفوائد العقدية 1- صدق نبوءته بظهور الفرق المخالفة لدين الإسلام. 2- بيان أبرز صفات الخوارج العلمية وهي: قلة العلم، وقلة الفهم. 3- بيان أبرز صفات الخوارج العملية وهي: قتل أهل الإسلام، وترك أهل الأوثان. 4- من صفاتهم الاستدراك على النبي - صلى الله عليه وسلم - والاعتراض على هديه. 5- إثبات صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه بأنه أمين الله. 6- عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المعاصي.