موضوع: سورة النساء تكريم للمرأة الأربعاء ديسمبر 07, 2011 6:31 pm
سورة النساء تكريم للمرأة
لم يذكر الله تعالى في كتابه سورة الرجال، بل ذكر سورة النساء، وهذا دليل على تكريم المرأة، وقد تحدثت السورة عن أمور هامة تتعلق بالمرأة والأسرة والدولة والمجتمع، وأن معظم السورة تتحدث عن حقوق النساء، فلذلك سميت سورة النساء، والمتأمل لهذه السورة الكريمة يرى فيها تكريمًا للمرأة. 1- خلق الله المرأة من ضلع الرجل، وبث منهما الرجال والنساء: قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)[النساء: 1]. وهذه الآية جزء من خطبة الحاجة التي كان الرسول r يبدأ بها خطبه، وهي مهمة جدًا، ولا سيما للمتحدثين، والدعاة والوعاظ. 2- المحافظة على حقوق اليتامى من النساء: قال الله تعالى:(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)[النساء: 3]. عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى:(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى)قالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تُشركه في ماله، ويُعجبه مالها وجمالها، فيريد أن يتزوجها بغير أن يُقسط في صَداقها، فيُعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنُهوا أن ينكحوهن إلا أن يُقسطوا إليهن، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق، وأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. قال عروة:قالت عائشة:ثم إن الناس استفتوا رسول الله r بعد هذه الآية فيهن، فأنزل الله: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ) قالت عائشة: وقول الله في الآية الأخرى:(وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) رغبة أحدكم عن يتيمته إذا كانت قليلة المال والجمال، فنُهوا أن ينكحوا مَن رغبوا في مالها وجمالها من النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال."رواه البخاري". 3- الاقتصار على زوجة واحدة إذا خاف عدم العدل:لقول الله تعالى:(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)[النساء: 3]. أي إن خفتم تعدد النساء أن لا تعدلوا، فاقتصروا على واحدة، وهذا تكريم للمرأة. 4- النساء لهن نصيب من الإرث: قال الله تعالى:(لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا)[النساء: 7].وكان الميراث في الجاهلية للذكور دون الإناث. 5- التفاوت في الميراث بين الرجل والمرأة: قال الله تعالى:(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)[النساء: 11].أي يأمركم الله أن تقسطوا للذكر مثل حصة البنتين، وذلك لأن الرجل هو الذي يُنفق على عياله، وهو الذي يدفع المهر للمرأة. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السُدس والثلث، وجعل للزوجة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع."رواه البخاري". 6- المهر يدفعه الزوج للزوجة حسب الاتفاق: قال الله تعالى:(وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا)[النساء: 4]. عن ابن عباس:النحلة: المهر، وقيل فريضة مسماه، ولا ينبغي تسمية المهر كذبًا بغير حق، وعلى الرجل أن يدفع المهر عن طيب نفس، فإن طابت نفسها عن شيء منه بعد تسميته، فليأكله حلالاً طيبًا. 7- الأمر للأزواج أن يباشروا زوجاتهم بالمعروف: قال الله تعالى:(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[النساء: 19].أي طيَّبوا أقوالكم وحسّنوا أفعالكم وهيئاتكم حسب قدرتكم لزوجاتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما :(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[البقرة: 228]. وقال الرسول r: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي». "رواه الترمذي وصححه الألباني". 8- على الزوج أن يحسن إلى زوجته، حتى في حالة كرهها:قال الله تعالى:(فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النساء: 19].أي فعسى إن صبرتم على إمساكهن مع الكراهة فيه أن يكون في ذلك خير كثير لكم في الدنيا والآخرة. قال ابن عباس:هو أن يعطف عليها فيرزق منها ولدًا، ويكون فيه خير كثير. وقال r:«لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها خُلقًا آخر»"رواه مسلم"."أي لا يبغضها بغضًا يؤدي إلى تركها". 9- لا يجوز استرداد المهر بعد المفارقة: قال الله تعالى:(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)[النساء: 20]. أي إذا أراد أحدكم مفارقة زوجته، والزواج من غيرها، فما له أن يسترد من مهرها شيئًا، ولو كان قنطارًا من المال. وقوله تعالى:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[النساء: 21].روي عن ابن عباس:أن المراد بذلك العقد «بين الزوج والزوجة». وعن ابن عباس أيضًا قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وقال r في خطبة حجة الوداع:«استوصوا بالنساء خيرًا، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله»"رواه مسلم". 10- ومن مظاهر تكريم المرأة تحريم المحارم من النسب، وما تبعه من الرضاع:قال الله تعالى:(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)[النساء: 33]. فتحريم هؤلاء على الرجال له حكم عظيمة، وأهداف سامية، تقتضيها الفطرة، فتحريم نكاح الأختين مثلاً يورث العداوة بين الأخوات.