أميرة الورد Admin
عدد المساهمات : 1191 تاريخ التسجيل : 11/03/2011
| موضوع: كيف تصبح نفسك نفس مطمئنه بإذن الله الأحد مارس 27, 2011 3:41 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف تصبح نفسك نفس مطمئنه بإذن الله يقول الله تعالى بخصوص النفس المطمئنة والأسباب المحققة لهذا الوصف:"يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي"[الفجر27]."الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب "[الرعد 28]."فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء"[الآنعام 125]."أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله،أولئك في ضلال مبين"[الزمر22]."ألم نشرح لك صدرك"[الشرح 1]. إن هذه الآيات قد تصوّر لنا مظهرا من مظاهر النفس الإنسانية وهي على صفة المطمئنة أي الآمنة والهادئة والخالية من مظاهر القلق والتوتر والعصاب ، كما أن لها سلوكا معينا بالرضا عن الحق ورضا الحق تعالى عنها .فكيف إذن قد تيسر لها الحصول على هذه الحالة واكتسابها بعدما كانت أمارة بالسوء؟. إن القرآن الكريم قد يفسر بعضه بعضا ويصرّح بأن الاطمئنان الذي أصبح صفة للنفس قد تحصلت عليه بوسيلة يحصرها في قوله تعالى :" ألا بذكر الله تطمئن القلوب" . فما هي علاقة الذكر بالقلوب وما هي خصوصية هذا الاطمئنان الذي قد يحققه ويتميز به عما قد يدّعيه البعض من تحصيله بوسائل مادية صرفة أو نفسية ذاتية عادية؟. إن الذكر كلفظ له معان اصطلاحية لغوية وأخرى شرعية و عرفية ، ولكن المقصود هنا هو المفهوم الشرعي الذي قد يجمع بين المعنى العام للذكر وهو القرآن نفسه كما في قوله تعالى:"وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون"[الزخرف 44]." ص والقرآن ذي الذكر"[ص 1]وبين الذكر بالمعنى الخاص المرتكز على جمل معينة وألفاظ مستخرجة من القرآن نفسه أو الأحاديث النبوية والتي قد تتضمن تسبيحا وتقديسا لله تعالى وأدعية وتضرعات على سبيل التكرار والملازمة،كما نجد في قول الله تعالى:"سبح اسم ربك الأعلى "[الآعلى 1].وقوله في حق سيدنا يونس:"فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون "[الصافات 143-144]،والذي كان تسبيحه على صيغة:"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"[الآنبياء 87]،وكذلك قوله تعالى في حق نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:"إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم"[التوبة 172]. وإذا كان الذكر قد يضم هذا المعنى العام والخاص فإنه سيكون مصدر الاطمئنان لدى الإنسان إن هو التزمه و استشرق بأنواره ومضامينه. فبدون هذا الذكر فلن يكون للقلب اطمئنان ، والسبب في ذلك -والله أعلم -أن النفس الإنسانية حينما تستيقظ من سباتها وتخرج من براثن وأوحال المادة المنحصرة في الجوانب الشهوية والأطماع الدنيوية الفانية والهالكة في حينها عند الأستهلاك والتوظيف , فقد تحاول التخلّص من تلك الدوافع لكي تعود إلى وطنها الأصلي ومكانها الراقي في عالم التجريد والتفريد ، وفي أثناء تلك المرحلة الانتقالية قد تتجاذبها غرائزها كمحاولة منها لإحباط تطلعاتها لتلك الآفاق الواسعة ، فلا تجد حينئذ طريقا للتخلص من هذه العوائق إلا بالرجوع إلى مراجعة ذاتها وإلغاء انطوائيتها على نفسها وذلك باللجوء إلى واهب وجودها الذي سبحانه قد خلقها في أحسن تقويم .وعند هذا التوجه بالكلية فقد تتوحد قواها فتصير ذات تحكم في غرائزها وترشيد لها وذلك بسبب إخمادها إياها لتوهجاتها عن طريق عدم الإثارة وتعمد الكف الباطني الذي قد يجعل تلك الغرائز شبه نائمة ، نظرا لغياب المنبّهات المناسبة لطبيعتها مرحليا وحضور الذات الواعية بديلا عنها بسبب انشغالها بخالقها وواهب وجودها ونعمها الله سبحانه وتعالى . وعند هذه الحالة فسيكون الأطمئنان حتما مصاحبا للنفس الإنسانية لأنها قد تكون وافقت الفطرة التي فطرها الله عليها،ألا وهي فطرة التوحيد الذي قد أشهدها الله عليه إذ يقول جلّ من قائل :"وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟قالوا بلى[ 75] الأعراف . فالاطمئنان قد يحصل بسبب الاكتفاء والثقة التي تكتسبها النفس عن طريق إشباعها بالغذاء الخاص بها ،وهو عبادة الله وذكره دائما بكل وقت ،لأن الروح من أمره الخاص،وتتجلى هذه الخصوصية في تحقيق العبودية الإرادية والواعية والتي من أجلها كرم الله تعالى الإنسان وفضله على كثير من خلقه. لهذا فالذي يؤمن بالله وبذكره يحصل له اطمئنان في قلبه ،لأنه قد توصل إلى كسب الثقة في الله تعالى بالتوكل والاعتماد عليه في تحقيق سعادته وأشبع روحه بغذائها التى لا تستغنى عنه وإلاّ ضلت وماتت وهى على قيد الحياه . ولكي يكون هذا الاطمئنان كامل الثبات والرسوخ في النفس فلا بد من تكرار القاعدة المستند عليها وهي ذكر الله لفظا ومعنى ، وهذه العملية تهدف إلى المحافظة على استحضار هذا الإيمان وتعويد النفس الاستقرار على منهجه وما يتضمنه من معرفة غيبية , فقد يحدث أن يتوّهم الإنسان اطمئنانا من دون أن يكون ذاكرا لله تعالى أو غير مؤمن به في الأصل ، إلا أن هذا الاطمئنان سطحي وظرفي سرعان ما يتبخر حينما تنجلي الحقائق ويبزغ نهار اليقين ، وذلك النوع من الاطمئنان قد أورده الله تعالى في قوله :"إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون "[يونس 112]. وهذا النوع من الاطمئنان ناتج عن ضيق أفق الطموحات النفسية . فالإسلام حينما يقرر الاطمئنان النفسي فإنه قد لا يحصره في العمل الروحي فقط ، بل سيجعل له ارتباطا نسبيا بالحياة المادية ، وذلك لكي لا يتم إهمال هذا على حساب ذاك أو العكس . فالجوع والخوف والمرض والظلم والحروب … كلها عوامل مقلقة وسالبة لمظاهر الاطمئنان ، لكنها قد تتضاءل قوتها وتأثيرها السلبي في حالة الإستمرار في ذكر الله تعالى وملازمته والإيمان به .أما إذا غاب المذكِّر والسند العقدي الروحي الموقظ للوعي والثبات وتوالت بعده الفتن والبلايا فإنه سيكون حينئذ أشد العذاب وأقصى درجة القلق لدى الإنسان ، وفي هذا المعنى يقول الله تعالى:"وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون"[النحل22]. وهذا النوع من الكفر عند غير المؤمنين قد سماه الله تعالى غفلة لأنه نفسي وتصوّري قد يبقى في حدود الخيال والوهم،أما الحقيقة الجوهرية فهي ثابتة قد لا تتغير ولا تتبدل ، يقول الله تعالى مخاطبا الإنسان الغافل كتنبيه وتوبيخ له:"لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد"[ق28]. | |
|