منتدي عباد الرحمن الاسلامي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حفظ اللسان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أميرة الورد
Admin
Admin



عدد المساهمات : 1191
تاريخ التسجيل : 11/03/2011

حفظ اللسان Empty
مُساهمةموضوع: حفظ اللسان   حفظ اللسان Emptyالأحد مارس 27, 2011 4:35 am

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الشيخ.محمد اسماعيل المقدم





الحمد لله
رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين و العاقبة للمتقين و لا عدوان
إلا على الظالمين و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن
محمدا عبده و رسوله ، اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد كما صليت على آل
إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على
آل إبراهيم إنك حميد مجيد .



أما بعد ،



فإن أصدق
الحديث كتاب الله و أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم و شر الأمور
محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار .



ثم أما بعد ،



فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال "
ما من عبد مؤمن إلا و له ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة- أو- ذنب هو مقيم
عليه لا يفارقه ، إن المؤمن خُلق مفتَّنا توابا نسيا إذا ذُكر ذَكر ".



فقول النبي صلى الله عليه و سلم في شأن المؤمن إذا ذُكر ذَكر إشارة إلى ما بينه الله تبارك و تعالى في قوله ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى ثم بين في الآية الأخرى من الذين ينتفعون بالذكرى فقال عز و جل ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ فمن مثل هذا الدر س قال عليه الصلاة و السلام " إن المؤمن خُلق مفتَّنا توابا نسيا إذا ذُكر ذكر " فقد يقع المؤمن في الأخطاء لكنه إذا ذُكر بآيات الله عز و جل فإنه يتذكر و ينتفع بهذه الذكرى كما قال عز و جل ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ .



و هناك
فرق بين التعليم و بين التذكير ؛ فالإنسان يتعلم ما كان جاهلا من قبل ،
أما الذكرى فقد يكون للإنسان معلومات لكنه يحتاج إلى التذكير بها و إيقاظ
معانيها في قلبه ، كلنا يعلم أنه يموت لكن ليس كلنا يعتبر و يتذكر حقيقة
الموت و يتعظ بها إلا إذا ذُكر بذلك ، و من نعمة الله سبحانه و تعالى
علينا أن هذا الإسلام و هذا الدين ليس دينا يتعامل مع النظريات
(المثاليات) أو الفعلية أو الفروض ، و إنما هو دين يتعامل مع الواقع
البشري الحي ، فبالتالي إذا كلفنا الإسلام بأمر فهو لابد داخلا في طوقنا و
داخلا في استطاعتنا و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .



و من رحمة
الله عز و جل أنه أرسل إلينا رسولا من أنفسنا ، رسولا من البشر لو كان
أرسل إلينا ملكا - بفرض وقوع ذلك - فربما إذا نزل هذا الملك لهؤلاء البشر
إلى أن يغيروا أخلاقهم و يتمثلوا الحق في سلوكهم ربما قالوا أنت ملك أما
نحن فبشر و لابد من أن نقع في الذنوب و التقصير .



أما و قد
جاءنا رسول من أنفسنا صلى الله عليه و سلم بشر مثلنا تمثَّل فيه و تحقق
فيه النموذج الأعلى و الأكمل للبشرية على الإطلاق وهو رسول الله صلى الله
عليه و آله و سلم و ليس هذا فحسب بل جعله الله عز و جل قدوة لنا و أسوة
نقتدي بها فقال الله عز و جل ﴿لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ
يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا

، ثم إنفعل صحابته الأبرار رضي الله تعالى عنهم بهذه الأسوة الحسنة و
تأثروا بها و بذلك استحقوا أن يكونوا عن جدارة خير أمة أخرجت للناس ، خيرا
أمة ، و أفضل أمة ، و أكمل الأمم على الإطلاق هم الصحابة الأطهار ثم من
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .



و نحن
المسلمين دائما ننظر إلى السلف الصالح و إلى الصحابة رضي الله عنهم و
تابعيهم بإحسان على أنهم قمة ، قمة شامخة عالية و كل ما نصبو إليه هو أن
نحاول أن نرتقي بقدر المستطاع و نرتفع إلى مستواهم ، فالإقتداء بالسلف و
بالصحابة ليس رجوعا للوراء و ليس رجعية ، لكنه تفاني و ترقي و صعود إلى
أعلى و محاولة الإلحاق بهم في أخلاقهم و في عباداتهم و في جهادهم رضي الله
تعالى عنهم .



و إذا كان من الوظائف الأساسية للرسول الله صلى الله عليه و سلم تزكية النفوس﴿ وَيُزَكِّيهِمْ



فإنه عليه الصلاة و السلام بين أيضا أن من مقاصد بعثته الأساسية ما شرحه و فصله بقوله " إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق "
هذا من المقاصد الرئيسية لبعثة النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم ،
و بيَّن صلى الله عليه و سلم أن الإنسان مهما كان فيه من العيوب فبفضل
الله سبحانه و تعالى و بمجاهدة النفس و بالاستنارة بنور من الوحيين فإنه
يستطيع أن يتغير إلى أكمل صورة و باب الفضائل مفتوح على مصراعيه ، كل من
عنده همه و عزيمة على أن يلجه فإنه يستطيع أن يلجه لن يكبله أحد ، و في
ذلك يقول الشاعر :



إذا أعجبتك خصال امرئ فكنـه يكن منـك ما يعجبك



فليس لدى المجد و المكرمات إذا جئتـها حـاجب يحجبك









يقول صلى الله عليه و آله و سلم " إنما العلم بالتعلم و الحلم بالتحلم و من يتحرى الخير يعطه و من يتوق الشر يوقه "
يعني معنى ذلك أن مهما كان في الإنسان صعوبة في أخلاقه أو في طباعه و هو
غير راض عنها فهو يستطيع بالاستعانه بالله سبحانه و تعالى و بالإقتداء
بالرسول صلى الله عليه و سلم أن يغيرها إلى أحسن الأخلاق ، و بالتالي ينال
أعلى الدرجات فإن العبد ينال بحسن الخلق ما لا يناله بالعبادة و الصيام و
القيام و غير ذلك .






الحقيقة
نحن الآن نكاد نطرق باب هذا الموسم العظيم المبارك و هو شهر رمضان المعظم و
الذي فيه كثير من الفضائل و الخيرات التي لا يُحرم منها إلا محروم ، و
شهر رمضان إذا نظرنا إليه من أي زاوية سنجده فعلا شهر البركات و الخيرات
العامة و الخاصة على جميع الناس ، حتى نجد أن الإنسان مهما كان شريرا بمجرد
أن يدخل شهر رمضان نجد أن الشر يقل عند الناس ، فالحقيقة فرصة عظيمة كما
نقول للمدخنين هذه فرصتكم للإقلاع عن التدخين و كما نقول للشرهين في
الطعام هذه فرصتكم لمكافحة شهوة الطعام مثلا و غير ذلك من هذه الأشياء ،
فكذلك أيضا مجتمع الملتزمين مازلنا جميعا نشكو من آفات خطيرة جدا ، نحتاج
إلى استغلال هذا الشهر من أجل مقاومتها و مجاهدتها ، ما أكثر ما نسمع من
أسئلة في مثل هذه الأيام أو حينما يهل شهر رمضان ؛ هل البخور يؤثر في
الصيام ؟ هل القيء يؤثر؟ هل كذا يؤثر في الصيام ؟ نهتم دائما بما يؤثر في
الصيام من هذه الأمور .. و قلَّ أن نجد من يصرف همه إلى هذا العضو الخطير
في بدنه و هو اللسان الذي بلا شك يؤثر في الصيام تأثيرا شديدا جدا بنقصان
الأجر ، حتى وصل إن بعض العلماء و يفتي – و هي فتوى شاذة – لكن وصل الأمر
أن من أغتاب الناس فقد أفطر و بطل صيامه بذلك ، نحن لا نقول بهذا بالضبط
لكن نقول بلا شك هو يؤثر في الصيام ، و قد قال النبي صلى الله عليه و آله
وسلم " من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه " إذا هذا الحديث يبين لنا أنه ينبغي أن يرافق و يصاحب الصوم تزكية للنفس و تطهير للسان من آفاته .



الله سبحانه و تعالى أمرنا فقال عز و جل ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ .. أمر بإحسان النطق و إحسان الكلام و أن ينطق الإنسان بالخير .



و قال أيضا تبارك و تعالى ﴿..وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنا.. ... للناس ... فاشتملت هذه الآية بعمومها اليهودي و النصراني و المسلم ، و عن عطاء قال: " ﴿..وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنا.. للناس كلِهم المشرك و غيره ".. حتى المشرك تحسِّن خلقك معه و تحسن ألفاظك معه .



و عن أبي سلام قال :
قلت لسعيد بن الجبير رحمه الله " المجوسي يريني من نفسه و يسلِّم علي –
هو الذي يبدأني بالخير – أفأرد عليه ؟ فقال سعيد بن الجبير سألت بن عباس
رضي الله تعالى عنهما عن نحو من ذلك فقال لو قال لي فرعون خيرا لرددت عليه
"
؛ لو قال لي فرعون الذي هو شر البشر في عصر موسى عليه السلام خيرا لرددت عليه خيرا مثله فإن هذا هو أدب القرآن ﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا .. .



ففرعون الذي كان شر الخلق في زمن موسى عليه السلام مع ذلك أرسل الله سبحانه و تعالى إليه نبيين كريمين و أمرهما فقال عز و جل ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى



إذا كان
هذا مع فرعون فإذا بعض الأخوة يظن أنه إذا أحسن خلقه حتى مع الكافر يظن
بذلك أنه مفرطا في دينه و أنه بذلك تنازل عن الإيمان و عن مقتضيات الإيمان
... لا ... تعاديه بقلبك و لا تداريه بسبب كفره بل تعاديه و تبغضه ، لكن
تعطيه حقه إذا كان قريبا ، إذا كان جارا أو إذا تعاملت معه ، فحسن الخلق
مع كل الناس مندوب إليه و مأمور به و ليس في ذلك ما يقدح في الدين .



و كان من خلق النبي صلى الله عليه و سلم أنه لا يذم أحدا و لا يعيبه صلى الله عليه و سلم ، و قال صلى الله عليه و سلم " و خالق الناس بخلق حسن " يعني بمناسبة هذه الكلمة التي قالها أبو سلام لسعيد بن الجبير "
المجوسي يريني من نفسه و يسلم علي أفأرد عليه ؟ قال سألت ابن عباس رضي
الله عنهما عن نحو من ذلك فقال لو قال لي فرعون خيرا لرددت عليه "

بالذات إذا كان الإحسان فيه مقابلة إحسان .. أدى إليك مثلا خدمة معينة لا
مانع من أن تشكره ، لا تقول له جزاك الله خيرا حتى لا يكون دعاءا و هو لا
يستحق ذلك ، لكن أنقل له أي عبارة فيها نوع من المجاملة فهذا الخلق الذي
يليق بالمسلم .



و أتذكر
حادثة بسبب سوء فهم بعض الأخوة لهذا الأمر و يظن أن حسن الخلق مع الكافر
تنازل في الدين أو ضعف في الإيمان .. لا .. لابد أن تكون هذه المعالم
واضحة عندنا ، حكا لي بعض الأخوة في بريطانيا الأفاضل قصة حصلت من شابين
ضلا الطريق في منطقة معينة و كانا يبحثان عن عنوان و هناك الناس فيهم صفة
جيدة في دلالة الناس الأجانب عن الذي يبحثون عنه كالذي يضل الطريق أو
يحتاج لمعرفة وصف شيء معين .. فالمهم سألا رجلا كبيرا في السن عن العنوان
أو المكان الذي يبحثان عنه فالرجل لم يكتفي بأن شرح لهم خريطة المكان أو
الموضع الذي يطلبانه و إنما سار معهما مسافة كبيرة و أصطحبهما حتى أوصلهما
إلى المكان الذي يريدان ، فوقف الرجل ..فإذا بالأخوين ينصرفان عمدا ،
فالرجل أستنكر هذا الموقف جدا فأراد أن يعاتبهما عتابا لطيفا فقال لهما
عندنا نحن معشر الإنجليز أن من أسدى إلينا معروفا فإننا نقول له نشكرك ..
يريد أن يقول فماذا عندكم ؟ .. فالأخ ماذا قال له!؟ قال له أنا أعرف هذا
جيدا و أنا متعمد أن لا أقول لك شكرا لأنك كافر.. إلى آخر هذا الأسلوب ،
فبلا شك هذا تنفير و أنا لا أريد الحقيقة أن أخرج عن الموضوع لأنا حتى الآن
نحن في المقدمة و لكن بلا شك سوء الخلق و بالذات ما يكون له تأثير ضار في
الصد عن سبيل الله عز و جل لا تظن أنك إذا فعلت ذلك أنك في عافية من
الحساب أمام الله سبحانه و تعالى .. الله عز و جل في أواخر سورة النحل لما
قال سبحانه و تعالى ﴿وَلاَ
تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ
ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ
وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
هذه الآية
في غاية الروعة في الحث على حسن الخلق حتى مع الكفار ؛ إياكم أن تستغلوا
الأيمان و الحلف باسم الله سبحانه و تعالى وسيلة لخداع الناس .. الناس
حينما يرونكم تحلفون و تعظمون اسم الله عز و جل فيثقون أنكم صادقين فيما
تريدون و أنكم ملتزمون بما تحلفون عليه ، فإياكم أن تستغلوا الأيمان و
الحلف سبيلا للإفساد بينكم و نقض العهود و المواثيق ، ﴿فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا
هذا أول ضرر أنه تزل قدم بعد ثبوتها ، أنكم بعد ما كنتم ثابتين على
الصراط المستقيم تميلون عنه و تنحرفون عنه فهذا انحراف يخصكم أنتم في
أنفسكم



هذا أول
شئ ، الأمر الثاني ليس هذا فحسب ليس فقط تفقدون اسم الإيمان و التقوى و
الاستقامة إلى الاعوجاج ، لكن أيضا تذوقون السوء و لكم وعيد و عقاب عند
الله عز و جل لماذا؟ لأنكم بسوء خلقكم و نقضكم العهود و اتخاذ الأيمان
للإفساد و خداع الناس .. بسوء الخلق الكفار إذا رأوكم تفعلون ذلك قالوا لو
كان في دينهم خيرا لأدبهم و لغيرهم عن هذا الشر الذي فعلوه و الخديعة و
الخيانة ، فهذا يترتب عليه تشويه الدين في نظر هؤلاء الناس الذين يفترض
أنكم تدعونهم بسلوككم و أخلاقكم أكثر مما تدعونهم بأقوالكم .. فيترتب على
ذلك أن ينفر هؤلاء الناس عن الإسلام و بالتالي تبوءون أنتم بوزر صدهم عن
سبيل الله ؛ و لذلك يقول تبارك و تعالى ﴿وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ بماذا ؟ بسوء الخلق .



أتذكَّر
أيضا واقعة ثمامة بن أثال رضي الله تعالى عنه و كان شديد العداوة للإسلام و
للنبي صلى الله عليه و سلم فلما أُسر ، ماذا فعل النبي عليه الصلاة و
السلام؟ خير معلم على وجه الأرض كلها عليه الصلاة و السلام .. أتى بثمامة و
أمر بأن يوثق يربط و يقيد في سارية من سواري المسجد وبقي على ذلك ثلاثة
أيام ، حكمة عظيمة من خير معلم و خير مربي في تاريخ البشر كلهم أجمعين عليه
الصلاة و السلام .



ما
الحكمة في أن يبقى ثمامة بن أثال في بؤرة المجتمع الإسلامي؟ الذي هو مجلس
الوزراء و مجلس الشعب و مجلس الشورى و غرفة العمليات و مكان العبادة و
مكان التدريب على الجهاد – كل شئ كان يتم في المسجد – تعامل المسلمين مع
بعضهم البعض ، خشوعهم لربهم عز و جل فكان كل هذا في المسجد ، الحكمة أنه
أراد أن يلقنه درسا كيف أخلاق المسلمين ، كيف تعامل الصحابة مع بعضهم البعض
، كيف يعبدون الله ، كيف يحيي بعضهم بعضا .. وهكذا ، و أنه إذا رأى هذا
فسيكون لهم سبيلا إلى إقناعه بالإسلام ، و بالفعل هذا الذي تم ؛ لمّا سأله
أول يوم : "كيف تجدك يا ثمامة ؟" قال "إن تقتل تقتل ذا دم و إن تعفو تعفو عن شاكر" يعني يشكر لك هذا الجميل و " إن تقتل تقتل ذا دم" هذا الذي بدأه ، في اليوم الثاني لما سأله قال "إن تعفو تعفو عن شاكر و تقتل ذا دم "
..بدأت اللهجة تخف ، في اليوم الثالث عفا عنه النبي عليه الصلاة و السلام
و أطلقه فذهب ثمامة في مكان معين و أغتسل ثم أتى و شهد شهادة الحق رضي
الله تعالى عنه . الشاهد من هذا أنه لولا أنه عاش و انغمس في مجتمع
الصحابة و رءا أخلاقهم و سلوكياتهم لما كان أنجذب إلى الإسلام .



الحقيقة المقدمة طالت ما كنت أريد ذلك لكن الشيء يذكر بالشيء.



يقول عليه الصلاة و السلام " و خالق الناس بخلق حسن " الناس ... كل الناس ..و ليس فقط المسلمين فحسن خلق المسلم كما سنرى إن شاء الله تعالى يتعدى حتى يشمل حتى البهائم و الحيوانات .



فنحن نركز
الحقيقة على آفات اللسان و بالذات آفات اللسان المتعلقة بالغيبة التي هي
آفة شائعة و متوغلة في المجتمعات و لا نكاد نستثني حتى مجتمعات الملتزمين و
الملتزمات أو بتعبير آخر الملتزمات و الملتزمين .



فلاشك أن
أعظم حقوق المسلم على الإطلاق هو صيانة عرضه و رعاية حرمته ، فإن تحريم
النيل من عرض المسلم أصل شرعي متين عُلم بالضرورة من دين الإسلام ، و حفظ
العرض واحد من الضروريات الخمس التي جاءت من أجلها الشرائع .



خطب رسول
الله صلى الله عليه و سلم في أعظم اجتماع على الإطلاق تم في الإسلام على
مسمع يزيد عن مائة ألف نفس من الصحابة الكرام رضي الله عنهم في حجة الوداع
؛



فقال " إن دماءكم و أموالكم و أعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت " و الشاهد هنا في قوله " إن دماءكم و أموالكم و أعراضكم حرام عليكم ".



فالأعراض كما أشرنا مرارا :



الأعراض : جمع عرض ، و العرض هو كل موضع يقبل المدح أو الذم في الإنسان .



أي شئ من
صفات الإنسان يمكن أن يمدح أو يذم ؛ سواء كان في نفسه ، أو في سلفه آباءه
مثلا و أجداده ، أو من يلزمه أمره ، أو هيئة مشيته ، طريقة كلامه ، ملابسه
.. أي شئ يخص المسلم مما إذا ذكر فيه بسوء يسوءه ذلك فهذا هو عرضه ؛ كل
ما يقبل المدح أو الذم في الإنسان .



و قيل "هو جانبه الذي يصونه من نفسه و حتى ابنه و يحامي عنه أن ينتقص و يسلب" .



قال صلى الله عليه و سلم " كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه " .



و قال صلى الله عليه و سلم " المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده " ..طبعا يده تشمل أشياء كثيرة تشمل الضرب ، تشمل الكتابة ، تشمل كل شئ يمكن أن يترتب عليه أذية لأخيه المسلم .



قال سفيان بن حصين " كنت جالسا عند أياس بن معاوية فمر رجل فنلت منه – أغتاب هذا الرجل بعدما مر –
فقال لي أسكت ، ثم قال لي يا سفيان هل غزوت الروم ؟! قلت لا ، قال غزوت
الترك؟! قلت لا ، قال سلم منك الروم و سلم منك الترك و لم يسلم منك أخوك
المسلم ، قال فما عدت إلى ذلك بعد "
.



و قال صلى الله عليه و سلم " من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين فخذيه أضمن له الجنة" و مثلُ هذه الضمانة على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم لن تعلق إلا على أمر عظيم جسيم .



و نظر عبد الله بن عمر يوما إلى الكعبة فقال " ما أعظمك و أعظم حرمتك ، و المؤمن أعظم حرمة منك " ..المؤمن عند الله سبحانه و تعالى حرمته أعظم من حرمة الكعبة المشرفة .



و قال الله عز و جل ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن
يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ
خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا
بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ
يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ
إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ
أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ

يعني هل منكم من يطيق ذلك من الناحية الطبعية ، صفة الإنسان و طبع
الإنسان هل يقبل إن أخوه المسلم يكون ميت و هو يأتي بالسكين و يقطع من لحم
أخيه و يأكله ، أنتم لا تحبون ذلك ، و أنتم تكرهونه طبعا ، فكما كرهتموه
طبعا فأكرهوه شرعا .



و بين صلى الله عليه و آله و سلم حد الغيبة فقال " الغيبة أن تذكر الرجل بما فيه من خلفه " .



و قال صلى الله عليه و سلم " الغيبة ذكرك أخاك بما يكره "
... بعض الناس الشيطان يلبس عليه لأن الشيطان واقف بالمرصاد كل باب من
أبواب الخير يريد الإنسان أن يدخله يغلقه عليه ، و كل باب من أبواب الشر
يفتحه له ويوسعه له بالتبريرات و التسويغات و المعاذير ، فيتكلم مثلا على
واحد فتقول له اتق الله هذه غيبة ، يقول لك أنا مستعد أقول هذا الكلام
أمامه ... حتى لو كنت مستعد أن تقوله أمامه هذه هي الغيبة التي حرمها الله
... الفارق أنك إذا قلته أمامه وقعت في خطأ آخر و هو أذية أخيك المسلم و
واجهته بما يكره ، و إذا كان أمام الناس فتكون قد فضحته و أسأت إليه أكثر و
لم تستر عليه ، و إذا كان في غيبته فهذا حد الغيبة و لم يستثني الرسول
عليه الصلاة و السلام و لم يقل مثلا الغيبة أن تذكر الرجل بما فيه من خلفه
إلا إذا كنت تقوى على أن تواجهه بذلك .. ما قال ذلك ، فحتى لو كنت تزعم أن
هذه من الشجاعة و أنك تستطيع أن تواجهه بذلك فهي غيبة و ليس لها اسم آخر
غير الغيبة و هي الذنب المحرم الذي أجمع العلماء على تحريمه .



و الفرق بين الغيبة و البهتان كما بين النبي صلى الله عليه و سلم لما قال له الصحابي " أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، و إن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " .. هذا هو البهتان .



و عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا فقالوا " لا يأكل حتى يُطعم ، و لا يرحل حتى يُرحل له "
... يعني لا يأكل حتى يُعد له الطعام ، و إذا أراد أن يركب الدابة لابد
أن الراحلة يكون عليها أحد يقوم بخدمته فيها... فقال النبي صلى الله
عليه و سلم " اغتبتموه ".



من
المفروض الإنسان يكون صاحي في أي مجلس لا تخاف في الحق لومة لائم ، و إذا
كان سيقع من الذي تنصحه إلى أنها غيبة نوع من الوحشة في أول الجلسة هو
سيعرف أنك لست ممن يحب المشاركة في أكل لحوم الناس ، على الأقل سيكفيك شره
إن لم يتب من هذا الذنب ، لأن لو كل مجلس فيه غيبة وجد من يزجره و ينبهه
إلى خطورة هذه المعصية سيراجع نفسه بلا شك أو سيكف عن أعراض الناس ، لكن
الذي يحصل أنك توافق أهواء الجالسين و يظلوا يسوغوها لمصلحة الدعوة و هذه
الأبواب الشيطانية ..و بالتالي يحصل تمكن لهذه الآفة في هذه المجتمعات .



فباقي الحديث: فقالوا" يا رسول الله حدثنا بما فيه" فقال " حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه "
.. حسبك من الشر أنك تغتابه بأن تذكر أخاك بما فيه أتريد أيضا تبهته و
تفتري عليه الكذب أيضا ، يكفيك حظا من الإثم أن تذكر أخاك بما فيه و أن
تغتابه .



و عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت " قلت للنبي صلى الله عليه و سلم حسبك من صفية كذا و كذا" .. قال بعض الرواة تعني أنها قصيرة
..مع أن عائشة يعني ضرتها و يغتفر التحاسد و التنافس بين الضرائر ما
يغتفر ، لكن مع ذلك ما سكت رعاية لحرمة المسلمة فقال عليه الصلاة و
السلام " لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته " لو هذه الكلمة تجسدت و خلطت بماء البحر لعكرت ماء البحر و أفسدته .. كلمة واحدة و هي هذه الغيبة .



قال الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى – " و الإجماع على أنها من الكبائر ، و أنه يجب التوبة منها إلى الله تعالى "
و الحقيقة حكاية الإجماع في هذا فيه نظر ، لكن تعبير آخر أكثر دقة ما
ذكره الفقيه الشافعي بن حجر الهيثمي – رحمه الله تعالى – أو علماء
الشافعية نصوا على " أن الغيبة إذا كانت في أهل العلم و حملة القرآن الكريم فهي كبيرة و إلا فصغيرة " .



و قال الفقيه بن حجر الهيثمي – رحمه الله – "
كل منهما – أي الغيبة و النميمة – حرام بالإجماع ، و إنما الخلاف في
الغيبة هل هي كبيرة أم صغيرة ، و نُقل الإجماع على أنها كبيرة ، و قال
آخرون محله إن كانت في طلبة العلم و حملة القرآن و إلا كانت صغيرة ".



و عن أبي بردة الأسلمي و البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
يا معشر من آمن بلسانه و لم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ، و
لا تتَّبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته
– الجزاء من جنس العمل – و من تتبع الله عورته يفضحه و لو في جوف بيته ".



و عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "الربا اثنان و سبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه ، و إن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه ".



و عن جابر رضي الله عنه قال :
كنا عند النبي صلى الله عليه و سلم فهبت ريح منتنة ، فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " أتدرون ما هذه الريح ؟ ، هذه ريح الذين يغتابون
المؤمنين"
.



و عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : بينما
أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو آخذ بيدي و رجل على يساره
فإذا نحن بقبرين أمامنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم



" إنهما ليعذبان و ما يعذبان في كبير ، و بلى – يعني و بلى إنه كبير ، هما يزعمان أنه ليس بكبير لكن في الحقيقة هو كبير –
فأيكم يأتيني بجريدة" فاستبقنا فسبقته فأتيته بجريدة فكسرها نصفين ،
فألقى على ذا القبر قطعة و على ذا القبر قطعة قال " إنه يهون عليهما ما
كانتا رطبتين ، و ما يعذبان إلا في الغيبة و البول "
.



و عن قتادة رضي الله عنه قال" ذكر لنا أن عذاب القبر ثلاثة أثلاث ؛ ثلث من الغيبة ، و ثلث من البول ، و ثلث من النميمة ".



و عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم و صدورهم – يعني يعذبون أنفسهم بأيديهم – فقلت من هؤلاء يا جبريل ، قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس و يقعون في أعراضهم ".



و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه و سلم فقام



رجل – قام يعني أنصرف – فوقع فيه رجل من بعده – بعد ما غادر المسجد واحد من الجالسين في المسجد بدأ يغتاب هذا الرجل - فقال النبي صلى الله عليه و سلم " تحلل " فقال و مم أتحلل؟ ، ما أكلت لحما – التحلل أو التخليل للأسنان بالخلة و هذه الأشياء حتى يخرج ما تعلق بين الثنايا – قال " إنك أكلت لحم أخيك " .


و عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه مر على بغل ميت فقال لبعض أصحابه " لأن يأكل الرجل من هذا حتى يملأ بطنه خير له من أن يأكل لحم رجل مسلم ".



فالغيبة
ديانة في الفساق ؛ الفساق الذين لا يبالون بحرمات الله سبحانه و تعالى لا
يبالون أن يأكلوا لحوم الناس .. و طبعا نتيجة إن المنكر شاع في المجتمع جدا
.. شاع و ذاع و قل من ينكره .. نحن لا نسخط و لا تحس قلوبنا ناحيته بشئ
إلا من رحم الله ، فنحن محتاجين تجديد العهد بهذه النصوص و نعطي الأمور
حجمها ﴿..وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ فأمر خطير جدا... و هذا الكلام ليس مجاز هذا الكلام حقيقي ﴿..أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ..فالغيبة ديانة في الفساق الذين لا يتقون الله سبحانه و تعالى كما قال بعض السلف .



و عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله أنه
أضاف ناسا فلما قعدوا على الطعام جعلوا يتناولون رجلا ، فقال إبراهيم "
إن الذين كانوا قبلنا كانوا يأكلون الخبز قبل اللحم ، و أنتم بدأتم باللحم
قبل الخبز"
يعني بدأتم بلحم هذا المسلم الذي اغتبتموه قبل الخبز .



و عن موسى السيلاني أنه سأل سفيان الثوري رحمه الله تعالى " يا أبا عبد الله إن الله يبغض البيت اللحميين ؟ – يعني يقول له هل ربنا سبحانه و تعالى يبغض البيت اللحميين هو يقصد الناس الذين يأكلون لحما كثيرا و يطبخون اللحم كثيرا – قال : فقال ليس هم الذين يأكلون اللحم و لكنهم الذين يأكلون لحوم الناس "
هؤلاء هم اللحميون الذين هم مغرمون بأكل لحوم الناس ، لكن ستأكل لحم
البقرة و الغنم هذا حلال ما حرمه الله سبحانه و تعالى عليك ما دمت تشكر
نعمته، لكن المهم ألا تأكل لحوم الناس ..



و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال " إن أحق ما طهر الرجل لسانه " ..تخيل إن واحدا منا إذا أصابت النجاسة ثيابه ماذا يفعل؟ يطهره ..فأي الأشياء أولى أن تطهر ثيابك أم لسانك؟



بل إن بعض
السلف كان إذا أراد التنفير من هذه المعصية أمر المتورط فيها بالطهارة
الحقيقية .. يأمره بالمضمضة و بالوضوء تشبيها لها بالنجاسة الحسية ..
فيستلزم أن يتحرز منها كما يتحرز من النجاسات .



فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت " يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب و لا يتوضأ من الكلمة الخبيثة يقولها " .



هذه
العبارة من أم المؤمنين تحتمل أكثر من احتمال ، إذا كانت على حقيقتها
فربما كانت تقصد الوضوء من أكل ما مسته النار قبل أن ينسخ .. كأنها تقول
لهم أنتم تتوضئون قبل أن ينسخ الوضوء من أكل ما مسته النار .. أو الوضوء من
أكل لحم الإبل .. فكأنها تقول لكم يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب الحلال
سواء كان ما مسته النار قبل أم ينسخ أو من أكل لحم الإبل ، و لا يتوضأ من
الكلمة الخبيثة يقولها ... فتقول أولى أنك تمضمض فمك بعد ما ابتليت
بالغيبة هذا أولى من أن تتمضمض من أكل لحم الإبل أو غيره .



و يشبه قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه " لأن أتوضأ من كلمة خبيثة أحب إلي من أن أتوضأ من طعام طيب ".



و عن إبراهيم قال " الوضوء من الحدث و أذى المسلم " فكما تتوضأ من الحدث توضأ من أذى المسلم يعني يحمل هنا الوضوء على غسل الفم و تطهير اللسان .



و عن محمد بن سيرين قال " كان رجل من الأنصار يمر بمجلس لهم فيقول توضئوا فإن بعض ما تقولون شر من الحدث " يعني اغسلوا و طهروا ألسنتكم فإن بعض ما تقولون من الغيبة و النميمة و هذه الأشياء شر من الحدث و من النجس .



و جاء حديث في هذا لكنه مرسل و إن كان رجاله ثقات أخرجه ابن سعد و هو ما رواه ماعز عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم أن
نبي الله صلى الله عليه و سلم في وجعه الذي توفي فيه قالت صفية بنت حيين
"و الله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي فغمزها أزواجه – ضرائر فيغمز
بعضهن لبعض – فأبصرهن فقال " مضمضن " فقلن من أي شئ قال " من تغامزكن بها و
الله إنها لصادقة "
يعني إذا صح فهو فيه إشارة أيضا لموضوع المضمضة كما بينا .



من الأمور
المهمة جدا أن مستمع الغيبة و المغتاب كلاهما شريك في الإثم ، لا تظن أنك
إذا تواجدت في مجلس تدور فيه الغيبة كما يدار بالفاكهة على رواد المجلس
أنك تبرأ .. مثل هذا المنكر لابد أن إما أن تزيله و تزول عنه .. أما أن
تجلس حتى لو كنت ساكتا مجرد مستمع فأنت شريك في هذه الغيبة .



فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :
جاء الأسلمي – يعني ماعزا – إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فشهد على
نفسه بالزنا أربع شهادات يقول "أتيت امرأة حراما" و في كل ذلك يعرض عنه
رسول الله صلى الله عليه و سلم
.. إلى أن قال في الحديث..أن
الرسول عليه الصلاة و السلام قال له " فما تريد بهذا القول " قال " أريد
أن تطهرني" فأمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يرجم فرجم ، فسمع
رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلين من الأنصار يقول أحدهما لصاحبه " انظر
إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم يدع نفسه حتى رُجم رجم الكلب "
... فلم يدع نفسه يعني جاهر بالمعصية و جاء أعترف للرسول عليه الصلاة و السلام و ما اكتفى بالستر ، أصر بأن يقام عليه الحد..قال فسكت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم سار ساعة فمر بجيفة حمار شائل برجله..جثة
الحمار لما تتعفن و تتجي‍َّف طبعا الرأس بتغير في داخل البطن بجانب
العضلات بتشتد جدا(تتيبس) فبالتالي الجثة تكون ملقاه في الأرض لكن الرجلين
(طلعة لفوق)هذا معنى الشائل برجله يعني رافع رجليه من التعفن فهذا كناية
عن شدة التعفن والنتن في هذه الجيفة. فقال " أين فلان و فلان ؟ " .. هذان الرجلان اللذان تكلما بهذا الكلام .. قالوا
" نحن ذا يا رسول الله " فقال لهما عليه الصلاة و السلام " كلا من جيفة
هذا الحمار " فقال " يا رسول الله غفر الله لك من يأكل من هذا ؟؟ " فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما نلتما من عرض هذا الرجل آنفا أشد من
أكل هذه الجيفة ، فو الذي نفسي بيده إنه الآن في أنهار الجنة ينغمس فيها "
فالشاهد من هذا الحديث قول النبي عليه الصلاة و السلام " ما نلتما من عرض هذا الرجل آنفا أشد من أكل هذه الجيفة "
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أميرة الورد
Admin
Admin



عدد المساهمات : 1191
تاريخ التسجيل : 11/03/2011

حفظ اللسان Empty
مُساهمةموضوع: رد: حفظ اللسان   حفظ اللسان Emptyالأحد مارس 27, 2011 4:36 am

أول
شئ نسب الوزر إليهما جميعا مع أن الذي تكلم واحد كان يحدِّث الذي بجواره و
الذي بجواره سكت معناه أنه صار شريكا له في الإثم ، مادمت سكت فالسكوت
علامة الرضا ... معناه أنك موافق .. لو قلت له اتق الله تكون قد برأت من
المعصية لكن تسكت أو تستحي فأنت شريك في الوزر و العياذ بالله ..تماما مثلك
مثله لا فرق .. و لذلك قال لهما " كلا من جيف هذا الحمار" و قال لهما " ما نلتما من عرض هذا الرجل آنفا أشد من أكل هذه الجيفة "
يعني أكل الجيفة أخف ... لماذا؟ لأن الإنسان لو أكل من جيفة حمار منتن لم
يؤذ مسلما .. لم ينتهك عرض مسلما ..لا تتعلق بذمته حقوق العباد ، فلا شك
أن آكل لحوم الحمر المتجيفة و المنتنة خير من آكل لحوم البشر .. لأن أكل
لحوم البشر يترتب عليه هذه الأشياء التي ذكرناها .



و عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال " كانت العرب يخدم بعضهم بعضا في الأسفار .. عادة العرب أن يكون معهم خدم في الأسفار - و هذا الحديث رواه الضياء في الأحاديث المختارة بإسناد صحيح -.. و كان مع أبي بكر و عمر- رضي الله عنهما – رجل يخدمهما فاستيقظا و لم يهيئ لهما طعاما فقال أحدهما لصاحبه .. و انتبهوا جيدا لكلمة فقال أحدهما ، واحد فقط الذي تكلم .. إن هذا ليوائم نوم بيتكم " هذا كل ما قاله ، يعني وجدوا إن هذا الخادم تأخر في النوم أو أطال النوم حتى أنه لما استيقظا لم يكن قد أعد الإفطار أو الطعام .



فهم في
حالة سفر و الإنسان المفروض في السفر لا يتمادى في تعاطي راحة البدن ،
حالة السفر تحتاج نوع من الأهبة و الاستعداد و الإنسان لا يتصرف كأنه في
بيته فمعناه أن نومه يكون خفيف عن هذا ..



فقال "
إن هذا ليوائم نوم بيتكم " فأيقظاه فقالا ائت رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقل له إن أبا بكر و عمر يقرئانك السلام و هما يستئدمانك
– هذه صيغة طلب يعني يطلبا الإدام و الإدام كل ما أُكل به الخبز- فقال عليه الصلاة و السلام لما ذهب الرجل و أخبره ذلك " قد ائتدما " - يعني افطرا أكلا الإدام - ففزعا
فجاءا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالا " يا رسول الله بعثنا إليك
نستئدمك فقلت قد ائتدما فبأي شيء ائتدمنا " فقال " بلحم أخيكما ، و الذي
نفسي بيده إني لأرى لحمه من أنيابكما"
– و في رواية ثناياكما – قالا " فاستغفر لنا ، قال هو فليستغفر لكما "
صاحب الحق ..فالإنسان إذا أراد أن يعصي الله سبحانه و تعالى يختار معصية
سهل أن يتوب منها ، لكن يختار معصية تتعلق بحق الغير معنى ذلك أنك لن تبرأ
ذمتك إلا أن يسامحك هذا الشخص ، و إذا لم يسامحك .. يا ويلك فسترد
القيامة و في عنقك حق العباد .. المعصية إذا كانت بينك و بين الله .. فإذا
تبت إلى الله فالله يقبل التوبة من العباد ، أما إذا كانت المعصية فيها
حق من حقوق العباد فلا بد أن إما أن تستحله و إما أن يستوفي حقه منك .. و
طبعا العملة هناك في الآخرة ليست الدينار و لا الدرهم فهي الحسنات و
السيئات .. يأخذ من حسناتك حتى يقضي على حسناتك فإذا ما بقي عندك حسنات
يُؤخذ من سيئاته هو فتطرح عليك .. فلماذا التعب ؟!



الإنسان
يتعب في العبادة و يتعب في الحفظ و الصيام و الأعمال الصالحة ثم يجدها في
ميزان الآخرين و قد أفلس هو .. و لذلك سماه النبي صلى الله عليه وسلم
المفلس .



الشاهد أيضا من هذا الحديث قول النبي عليه الصلاة و السلام " قد ائتدما " و الخطاب كله موجه للاثنين مع أن واحد هو الذي تكلم فنسب الوزر إليهما جميعا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أميرة الورد
Admin
Admin



عدد المساهمات : 1191
تاريخ التسجيل : 11/03/2011

حفظ اللسان Empty
مُساهمةموضوع: رد: حفظ اللسان   حفظ اللسان Emptyالأحد مارس 27, 2011 4:36 am

إذا القاعدة " أن مستمع الغيبة و المغتاب كلاهما شريك في الإثم و الوزر ".



يقول الشاعر :



و سمعك صن عن سماع القبيـح كصون لسانك عن النطق به



فإنـك عنـد سمـاع القبيـح شـريـك لقائـله فـانتبه





أما صور
الغيبة و ما تكون به الغيبة ؛ فالغيبة لها صور شتى قد تكون بالقول و قد
تكون بغير القول .. لا يشترط أن الغيبة تكون فقط باللسان ممكن غيبة بحركة
العين ، بإخراج اللسان ، بالتمثيل أن يحاكي مشيته مثلا أو شئ من حاله ..
فالغيبة كما تكون بالقول تكون بغيره .



قال الإمام الغزالي - رحمه الله تعالى – " الذكر باللسان إنما حَرُم – يعني ذكر عيب أخيك باللسان – لأن
فيه تفهيم الغير نقصان أخيك و تعريفه بما يكرهه ، فالتعريض به كالتصريح ،
و الفعل به كالقول و الإشارة و الإماء و الغمز و الهمز و الكتابة و
الحركة و كل ما يُفهِم المقصود فهو داخل في الغيبة و هو حرام ".



و قال النووي " و كذا سائر ما يتوصل به إلى فهم المقصود كأن يمشي مشيته فهو غيبة " بل هو أعظم من الغيبة كما قال الغزالي لأنه أبلغ في التصوير و التفهيم و أنكر للقلب .



من صور
الغيبة مثلا يأتي ذكر واحد مثلا في مجلس من المجالس فيقول واحد من
الجالسين الشخص الفلاني فيقول الحمد لله الذي لم يبتلينا بالدخول على
السلطان .. الحمد لله الذي عافانا من فتنة الدنيا .. هذه غيبة .. حضرته
يجمع بين أمرين بين ذم أخيه و مدح نفسه .. أنه رجل زاهد و مخلص ، مثلا
الحمد لله الذي عافانا من الرياء .. طبعا هذه غيبة ..فلا تظن أنك إذا قلت
الحمد لله هذا جواز مرور يعفيك من الغيبة ، الحمد لله الذي عافانا من
عبودية المال .. فهو يمدح نفسه و يذم أخاه .



كذلك بعض
الناس يكون في مجلس و يكون الحاضرين في المجلس يعرفون أن الذي يتكلم عليه
هو فلان ابن فلان بعينه فيقول قال بعض الفقهاء أو قال بعض من رأينا أو فعل
بعض من نعرفهم من أصحابنا أو قال بعض الجيران .. فالإنسان إذا فهم من
الذي تقصده هذه غيبة لأنهم يعرفون و بالتالي تكون ذكرت أخاك بما يكره من
خلفه لأن المخاطب يفهمه بعينه و لحصول التفهيم بهذه الصيغة .



و ربما
سُئل شخص عن حال أخيه فيقول مثلا ربنا يهدينا .. هو الشيطان يسول له أن لا
شئ بأن يقول ربنا يهدينا .. هو لا يقصد ربنا يهدينا هو يقصد وصفه بالضلال
مثلا .. أو يقول ربنا يصلحنا و يصلح أحوالنا .. الله يصلحه .. نسأل الله
العافية .. نعوذ بالله من الشر .. أي عبارة يفهم منها تنقص أخيك المسلم
فهي غيبة .



فالحقيقة
المفروض أن نتكلم بالتفصيل على بعض الإستثناءات التي ذكرها العلماء ..هنا
نضيء إشارة الخطر إشارة حمراء للإنذار الشديد إن بعض الأخوة أحيانا يلقون
ببعض المعلومات إلى من لا يحسن فهمها و لا تطبيقها ألم تر كيف الرسول عليه
الصلاة و السلام لما سُئل " أفلا أخبر بها الناس" في تبشير من قال لا إله إلا الله .. قال " إذا يتَّكِلوا " قال " فلا إذا " .. "إذا يتكلوا" يعني سيسؤن فهم هذا الكلام .. فقال "فلا إذا" يعني إذا اتكلوا على هذا الكلم و يقصروا في العمل لا تخبرهم .. لأنهم لن يوقعوا الكلام في موضعه المناسب .



و من ثم قال ابن مسعود ( أظن ) " ما أنت بمخاطب قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة "
.. فيوجد بعض الأشياء المفروض الإنسان إذا شك أن الناس لا تضعها موضعها
فيكتم مثل هذا العلم لأنه سيسيء فهمه و تطبيقه و يكون بابا إلى الشر .



مثلا
الإنسان إذا علم إنسانا آخر مستواه العلمي و الإيماني أنه إذا عرف أن
السنة أن تؤدي السنن الرواتب في البيت و هو حاله إنه إذا ذهب إلى البيت لن
يصليها .. فهذا يصليها في المسجد بدلا من أن يهجرها تماما..فلابد الإنسان
يكون لديه بصر و تلمح بالعواقب .



أكثر
الآفات التي دخلت لمجتمعنا في موضوع الغيبة ناشئة من أننا نقرن كلام
الغيبة بالكلام على الرخص التي يباح فيها الغيبة.. فبالتالي نجد في المجتمع
نوع من التسيب و عدم الانضباط إلى أقصى غاية ممكنه.. و هم يحفظون
المبررات و المسوغات كما يحفظون الفاتحة .



تقول له يا أخي اتق الله هذه غيبة يقول لك لا العلماء قالوا يجوز للجرح و التعديل و يجوز لكذا و يجوز لكذا..



نقول إذا
كان مستواك العلمي و الإيماني و مستوى الورع عندك يؤهلك لأن تضبط نفسك
ضبطا متينا محكما .. فلك أن تفعل و تأخذ بما يباح فيها الغيبة ..لكن الذي
يحدث أنه يكون سيف في يد أناس لا يحسنون استعمالها فيذبحون به الناس و
ينتهكون أعراضهم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أميرة الورد
Admin
Admin



عدد المساهمات : 1191
تاريخ التسجيل : 11/03/2011

حفظ اللسان Empty
مُساهمةموضوع: رد: حفظ اللسان   حفظ اللسان Emptyالأحد مارس 27, 2011 4:38 am

فأنسى
تماما موضوع الاستثناءات الخاصة بالغيبة .. هذا أسلم شيء ، إلا من وثق
بنفسه ثقة كما سنحكي عن الإمام البخاري- و هذا نادر جدا -.. لأن في
مجتمعاتنا الأولى تماما و النجاة من هذه الفتنة أن يكف الإنسان لسانه عن
الشر و عن الخوض في أعراض المسلمين .. لأن باب الاستثناءات هذا هو الذي فتح
لنا هذه الأبواب العظمى من الشر تهلكنا و تهلك أخواننا.



حتى
الإمام النووي رحمه الله تعالى لما نقل عن الغزالي المواضع الستة المعروفة
في جواز الغيبة ، و بعض العلماء ما أقرهم على ذلك ؛ الإمام الشوكاني رحمه
الله تعالى ألف كتابا أستدرك فيه على النووي و أستدرك فيه على الإمام
الغزالي رحمهم الله تعالى أجمعين و بيّن أن الكلام ليس على إطلاقه بهذه
الصورة و ذلك في كتابه المعروف ((رفع الريبة عما يجوز و ما لا يجوز من
الغيبة)).



لا نريد
أن نفصل الآن و لكن أنسوا تماما الاستثناءات و أسسوا الأول الأساس و عندما
تصلوا لورع مثل ورع البخاري رحمه الله تعالى وورع السلف الصالح رحمهم
الله تعالى فحينئذ لك أن تعمل بهذه الاستثناءات .



الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى قال كلمة عجيبة جدا " منذ أربعين سنة ما تكلمت بكلمة إلا أعددت لها جوابا بين يدي الله عز و جل ".



قال بكر بن منير سمعت أبا عبد الله البخاري رحمه الله تعالى يقول " أرجو أن ألقى الله و لا يحاسبني أني اغتبت أحدا "..
الإمام البخاري الذي حياته كلها في علوم الرجال و علوم الحديث يقول هذه
الكلمة معناه أن الله سبحانه و تعالى لا يمكن أن يصطفي لمنصب الإمامة في
الدين أي إنسان.



و هذا قمة
من القمم الذين اصطفاهم الله كالإمام البخاري الإمام الجليل العظيم رحمه
الله تعالى انظر المؤهلات و المقومات للإمامة بهذه الكلمات التي قالها .



علق عليه الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى قائلا "
صدق رحمه الله ، و من نظر في كلامه في الجرح و التعديل علم ورعه في
الكلام في الناس ، و إنصافه فيمن يضعفه فإنه أكثر ما يقول منكر الحديث ،
سكتوا عنه ، فيه نظر .. و نحو هذا ، و قل أن يقول فلان كذاب أو كان يضع
الحديث حتى إنه قال إذا قلت فلانا في حديثه نظر فهو متهم.. و هذا معنى
قوله لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدا ، و هذا هو و الله غاية الورع "
.



قال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعت – يعني الإمام البخاري- يقول " لا يكون لي خصم في الآخرة " فقلت "إن
بعض الناس ينقمون عليك في كتاب التاريخ و يقولون فيه اغتياب الناس" فقال
"إنما روينا ذلك رواية لم نقله من عند أنفسنا ، قال النبي صلى الله عليه و
سلم"بئس مولى العشيرة.." يعني حديث عائشة "
و سمعته يقول "ما اغتبت أحدا قط منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها ".



يعني كانوا إذا اختاروا الصراط المستقيم يكون مستقيم دائما.. لا يوجد روغان الثعالب.. و لا التحايل و التلاعب بحدود الله عز و جل.



و قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى " ما تكلمت بكلمة و لا فعلت فعلا إلا أعددت له جوابا بين يدي الله عز و جل".



لا شك أن الإنسان يجب أن ينشغل بعيوب نفسه عن عيوب الناس .. فلا ينشغل بعيوب الناس إلا من قد غفل عن عيوب نفسه .



يقول النبي صلى الله عليه و سلم " يبصر أحدكم القذى في عين أخيه و ينسى الجذع في عينيه" و في بعض الروايات و ينسى الجذر – أصل الشجرة-.



القذى هو ما يقع في العين أو في الماء من تراب أو تبن أو أي شيء من القاذورات .



الجذع المقصود به أحد جذوع النخل .



يقول الشاعر :



عجبت لمن يبكي علــى موت غيره دموعا و لا يبكي على موته دمــا



و أعجب من ذا أن يـرى عيب غيره عظيـما و في عيـنيه عن عيبه عمى


لقي زاهد زاهدا فقال له "يا أخي إني لأحبك في الله" قال الآخر " لو علمت مني ما أعلم من نفسي لأبغضتني في الله" فقال له الأول " لو علمت منك ما تعلم من نفسك لكان لي فيما أعلم من نفسي شغل عن بغضك ".



انظر كيف السلف كانوا يصدقون قول الرسول عليه الصلاة و السلام " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ".



لما توفي منصور بن زادان
رحمه الله تعالى وكان من العابدين المجتهدين حتى قالوا لو أن منصور هذا
قيل له إن ملك الموت على الباب أو أنك ستموت غدا لما استطاع أن يزيد في
عمله لأنه قد أتى بأقصى ما يستطيع في كل الأحوال ، لما توفي قالت ابنة واحد
من جيرانه من علماءنا الأفاضل (نسيت اسمه الآن) "يا أبت الخشبة التي كانت على سطح البيت الذي بجوارنا ما نراها " فقال لها " يا ابنتي إن هذا منصور كان يقوم الليل و قد مات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حفظ اللسان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صوم اللسان
»  الصمت وأدب اللسان
» انما العربية اللسان"
» آفات اللسان وعلاجه
» اللسان موردُ الموارد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي عباد الرحمن الاسلامي :: »®[¤¦¤]™ المنتــــديات المتخصصة ™[¤¦¤]®« :: ~°™«*»منتـــدى التزكيــة «*»™°~-
انتقل الى: