موضوع: حق شهر رمضان للشيخ محمد حسان الثلاثاء مارس 29, 2011 10:32 am
حق شهر رمضان إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران: 102.
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار.
ثم أما بعد ...
فحياكم الله جميعاً أيها الأخوة الأخيار وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله عز وجل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الذى جمعنا فى هذه الدنيا دائماً وأبدا على طاعته أن يجمعنا فى الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار مقامته، إنه ولى ذلك والقادر عليه.
أحبتى فى الله:
حقوق يجب أن تعرف سلسلة منهجية تحدد الدواء من القرآن والسنة لهذا الداء العضال الذى استشرى فى جسد الأمة ألا وهو الانفصام النكد بين منهجها المنير وواقعها المؤلم المرير، فأنا لا أعرف زمانا قد انحرفت فيه الأمة عن منهج ربها ونبيها كهذا الزمان فأردت أن أذكر نفسى وأمتى بهذه الحقوق الكبيرة التى ضاعت لعلها أن تسمع من جديد عن الله عز وجل، ولعلها أن تسمع من جديد عن رسول الله ، وتردد مع الصادقين السابقين الأولين قولتهم الخالدة: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) سورة البقرة.
ونحن اليوم بحول الله ومدده على موعد مع حق جليل عظيم كبير ألا وهو حق شهر الصيام، فأعيرونى القلوب والأسماع، والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وكعادتى وحتى لا ينسحب بساط الوقت سريعا من تحت أقدامنا فسوف أركز الحديث مع حضراتكم فى هذا الموضوع والحق الجليل فى العناصر المحددة التالية.
أولاً: فضل أمة النبي .
ثانياً: فضل شهر الصيام.
ثالثاً: التوبة خير بداية ونهاية.
وأخيراً: موسم الطاعات لا تضيعوا الصيام.
فأعيرونى القلوب والأسماع، والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.
أولاً: فضل أمة النبى :
قال تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) سورة القصص فلقد خلق الله السماوات سبعا والأرض سبعا، واختار السابعة من السماوات فاختصها لعرشه، وخلق الله الجنان واختار منها جنة الفردوس وجعل عرشه فوقها وخلق الله الخلق واصطفى من الخلق الأنبياء واصطفى من الأنبياء الرسل، واصطفى من الرسل أولى العزم الخمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين ثم اصطفى من أولى العزم الخمسة: الخليلين الحبيبين إبراهيم ومحمداً ثم اصطفى محمداً ففضله على سائر خلقه فرفع ذكره وشرح صدره وأعلى قدره وخلق الله الأمم خلق سبعين أمة اصطفى من هذه الأمم أمة الحبيب المحبوب فجعلها خير أمة قال تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران.
فلقد اصطفى الله أمة الحبيب المصطفى فشرفها وكرمها قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35 ، 36) سورة القلم.
قال تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) سورة ص.
قال تعالى: أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ (18) سورة السجدة.
فكرامة أمة النبى تكمل فى أنها وحدت ربها وآمنت بالحبيب النبى فشتان شتان على الكفر والمعصية وشتان وشتان من الشرك والذنب روى مسلم فى صحيحه من حديث عبد الله بن عمر- رضى الله عنهما- أن النبى قرأ يوما قول الله تعالى فى إبراهيم: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (36) سورة إبراهيم. وقرأ قول الله تعالى فى عيسى:إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) سورة المائدة فبكى الرحمة المهداة والنعمة المسداة صاحب القلب الكبير البشير النذير فقال الله تعالى لجبريل الأمين: يا جبريل أنزل إلى محمد وسله: ما الذى يبكيك؟ وربى أعلم الله يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون لا يغيب عن علمه شئ سبحانه وتعالى: فتزل جبريل الأمين إلى أمين أهل الأرض المصطفى وقال: ما الذى يبكيك يا رسول الله؟ قال:" اللهم أمتى يا جبريل" فصعد جبريل إلى الملك الجليل وقال: يقول: "اللهم أمتى أمتى" فقال الله لجبريل: أنزل إلى محمد فقل: إنا سنرضيك فى أمتك ولا نسوؤك ([1]) .
ومما زادنى فخرا وتيها دخولى تحت قولك يا عبادى
كدت بأخمصى أطأ الثريا وإن أرسلت أحمد لى نبيا
روى مسلم من حديث ابن عباس- رضى الله عنه- أن النبى قال: "عرضت على الأمم- فى رواية فى سنن الترمذى بسند حسن أن هذا العرض كان ليلة الإسراء والمعراج- فرأيت النبى معه الرهط ورأيت النبى ومعه الرجل والرجلان ورأيت النبى وليس معه أحد"([2])
أرجو أن تتخيلوا معى أمة كاملة يبعث الله فيها نبياً كريماً من الأنبياء فتكفر كل الأمة بهذا النبى، فتدخل الأمة كلها إلى النار، ويدخل نبى هذه الأمة وحده إلى الجنة" ورأيت النبى وليس معه أحد" قال:" وبينا أنا كذلك إذ رفع لى سواد عظيم" أى رأى النبى سواداً عظيماً فى طزيقة إلى الجنة" فظننت أنهم أمتى فقيل لى: هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم، وقيل لى انظر إلى الأفق الآخر فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لى :هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب".
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه قال:" يدخل الجنة من أمتى زمرة هم سبعون ألفا تضئ وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر"([3]) وفى الحديث الذى رواه أحمد والبيهقى بسند صحيح بشواهده كما فى
السلسلة الصحيحة من حديث أبى هريرة أن النبى قال:" سألت ربى عز وجل فزادنى مع كل ألف بسعين ألفا ثم يحثى ربى بكفه"- فلا تعطل ولا تكيف ولا تشبه فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك ليس كمثله شئ وهو السميع البصير- قال:" ثم يحثى ربى بكفه ثلاث حثيات" فكبر عمر- قال عمر بن الخطاب: الله أكبر- فقال النبى :"وإن السبعين ألفا الأول يشفعهم الله فى آبائهم وأمهاتهم وعشائرهم، وإنى لأرجو أن تكون أمتى أدنى الحثوات الأواخر"([4])
لا أريد أن أطيل النفس فى هذا المحور الأول الذى جعلته مقدمة لهذا الموضوع الجميل لنعلم أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الخلق والأمم، واصطفى أمة الحبيب على هذه الأمم وكرمها بهذه الطاعات وبهذه المواسم العظيمة من مواسم العبادات، فأمة النبى هى أفضل أمه بجدارة واقتدار بشهادة العزيز الغفار كما أسلفت فى قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (110) سورة آل عمران.
وخلق الله الشهور والأيام واصطفى شهر رمضان على سائر الشهور والأزمان فكرمه تكريما عظيماً فأنزل فيه القرآن قال الرحيم الرحمن: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) سورة البقرة.
وهذا هو محورنا وعنصرنا الثانى: فضل شهر رمضان: أيها الحبيب ضيف عزيز جليل كريم يهل علينا بأنفاسه الخاشعة الزاكية وبرحماته الندية، والعاقل الذى يقدر كل شئ قدره هو الذى يستعد لضيفه إن كان كبيرا كريما قبل نزول ضيفه عليه وأنا لا أعلم ضيفاً هو أكرم على الله سبحانه وتعالى من هذا الضيف الكريم إنه شهر القرآن إنه شهر الصيام، إنه شهر الإحسان، إنه شهر العتق من النيران، اللهم اجعلنا من عتقائك فيه من النار هذا الشهر الذى كان فيه الحبيب يحتفى به حفاوة بالغة. ففى الصحيحين من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- أن النبى قال:" إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة"- وفى لفظ مسلم:" فتحت أبواب الرحمة"([5])** وينادى منا : يا باغى الخير أقبل ويا باغى الشر أقصر، والله عتقاء من النار وذلك فى كل ليلة حتى ينقضى رمضان"([6]).
وفى رواية الترمذى بسند صحيح أنه قال:" إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن".
فمن المعلوم أن الذنوب تقل فى رمضان لكنها لا تنقطع فكيف ذلك وقد ذكرت الآن أن الشياطين تصفد وكذاك المردة والجواب فى قوله تعالى: وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (53) سورة يوسف.
إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وينادى مناد: يا باغى الخير أقبل ويا باغى الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك فى كل ليلة حتى يتقضى رمضان.([7])
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- أنه قال: قال الله تعالى- فى الحديث القدسى الجليل-: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به والصيام جنة-أى وقاية- فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخط، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى صائم، فليقل إنى صائم، والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقى ربه فرح بصومه"([8]).
اللهم اجعل يوم لقائنا بك اسعد أيامنا يا رب العالمين،" وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر بفطره وإذا لقى ربه فرح بصومه".
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه قال:" من صام رمضان إيماناً وإحتساباً" أى إيماناً بالله واحتساباً بالأجر من الله-" من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"([9]).
يا لها والله من بشرى، وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- أنه قال: " من قام- صلى القيام، صلى التراويح- رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم له من ذنبه"([10])
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- أنه قال: من قام ليلة القدر إيماناً وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"([11]).
هل تريد المزيد لتقف على فضل هذا الشهر المجيد الكريم، مغبون ورب الكعبة من استمع إلى هذه الطائفة النبوية الكريمة ثم قصر ثم ضيع الأوقات فيما لا فائدة فيه بل ربما فيما يسخط الله عليه، مغبون من ضيع هذا الموسم الكريم من مواسم الطاعة رغم أنف عبد، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه، من هذا؟ عبد أدرك رمضان ثم انسلخ رمضان قبل أن يغفر له رغم أنفه ذل وهان وعرض نفسه للهلاك والخسران أن يقبل عليه شهر الرحمات وأن ينسلخ الشهر كله وهو غارق فى الشهوات غارق فى المعاصى والملذات عاكف على المباريات والأفلام والمسلسلات، مضيع للوقت على المقاهى والشوارع والنواصى والطرقات، مغبون لم يعرف شرف زمانه ، ولم يعرف قدر وقته، ولم يعرف أن العمر يولى، والأيام تجرى، والأيام تمر والأشهر تجرى وراءها تحسب معها السنين وتجر خلفها الأعمار وتطوى حياة جيل بعد جيل بعد جيل، وبعدها سيقف الجميع بين يدى الملك الجليل للسؤال عن الكثير والقليل قال سبحانه:فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (7، سورة الزلزلة .
قال الحسن البصرى: ما من يوم ينشق فجره إلا وينادى بلسان الحال: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمنى فإنى لا أعود إلى يوم القيامة إذا مر بى يوم ولم أقتبس من هديه ولم أستفد علماً فما ذاك من عمرى.
فيا أيها العاقل اللبيب لا تضيع هذا الموسم الكريم من مواسم الطاعة كيف تقبل عليه.
هذا هو عنصرنا الثالث: توبة إلى الله خير بداية ونهاية:
يا نادما على الذنوب أين أثر ندمك أين بكاءك على زلة قدمك يا صاحب الخطايا أين الدموع
يا نادما على الذنوب أين أثر ندمك أين بكاءك على زلة قدمك يا أسير المعاصى أما تخشى من
وآسفاه إن دعينا اليوم بين يدى رمضان إن دعينا اليوم إلى التوبة وما أجبنا واحسرتاه إن ذكرنا اليوم بالله وما أنبنا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( سورة التحريم.
روى البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- أن النبى قال: " ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يمضى ثلث الليل الأول ويقول: أنا الملك جل وعلا، أنا الملك من ذا الذى يدعونى فأستجيب له؟! من ذا الذى يسألنى فأعطيه؟! من ذا الذى يستغفر له؟! فلا يزال كذلك حتى يضئ الفجر"([12]) .
إن عكفت على المسلسلات أفق، أستيقظ، كفى غفلة الله ينادى عليك وأين أنت ما زلت قابعاً أمام التلفاز ما زلت عاكفاً على المسلسلات والأفلام، أنسيت من صام معك رمضان الماضى أين هو الآن بين يدى الرحمن.
دع عنك ما قد فات فى زمن الصبا لم ينسه الملكان حين نسيته والروح منك وديعة أودعتها وغرور دنياك التى تسعى لها الليل فاعلم والنهار كلاهما
واذكر ذنوب وابكها يا مذنب بل أثبتاه وأنت لاه تلعب ستردها بالرغم منك وتسلب دار حقيقتها متاع يذهب أنفاسنا فيهما تعد وتحسب
كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (26،32) سورة القيامة. وبذلك يفتح سجلك ويفتح كتابك فإذا به لا صدق ولا صلى ولكنه كذب وتولى، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال سبحانه: {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (99، 100) سورة المؤمنون.
لماذا (لَعَلِّي)- سبحان الله- واثق أنه هل سيعمل صالحا أم لا مع أنه يتمنى الرجعة والعودة "قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا" . غير واثق من نفسه غير متأكد أن كان سيعمل صالحا أم لا، يأتى الجواب: " كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ" لا يجيبها الله لا يسمعها الله بمعنى الإجابة حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (99، 100) سورة المؤمنون.
فهيا أيها الحبيب، يا أيها العاقل، الله سبحانه وتعالى ينادى علينا كل ليلة ليتوب العصاة من أمثالى، وفى صحيح مسلم من حديث أبى موسى أنه قال:" إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها"([13])
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- أن النبى قال: قال الله تعالى فى الحديث القدسى: أنا عند ظن عبدى بى، وأنا معه إذا ذكرنى- فاذكر الله بذكرك الله سبحانه- وأنا معه إذا ذكرنى، فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه، وإن تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا، وإن تقرب على ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتانى يمشى أتيته هرولة"([14])
وفى الصحيحين من حديث أنس – رضى الله عنه- "الله أشد فرحا بتوبة عبده إليه حين يتوب من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه راحلته وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع فى ظلها وقد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدى وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح"([15]) .
فرح الله إن تبت إليه أعظم من فرح هذا العبد بعودة دابته إليه.
أقبل أيها اللاهى، أقبل أيها العاصى مهما كان ذنبك فعفو الله أعظم، مهما كان جرمك فكرم الله أوسع عد إليه قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) سورة الزمر.
قال رسول الله - والحديث رواه البخارى من حديث عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- يقول: قدم على رسول الله سبى، فإذا امرأة تبحث عن ولدها فلما رأت هذا الولد أخذته فألصقته فنظر النبى إلى هذا المنظر الحنون وقال لأصحابه: "أترون هذه طارحة ولدها فى النار؟" هل ستطرح هذه الأم التى كانت تبحث بهذا الحب والشفقة عن ولدها ثم ألصقته ببطنها وصدرها فأرضعته، هل تطرح هذه الأم ولدها فى النار؟ قالوا: لا يا رسول الله اسمع ماذا قال المصطفى قال:" والله الله أرحم بعباده من هذه الأم بولدها"([16]).
من ذلك أيضاً ما قاله أحد السلف أنه قال يوما لربه: اللهم أنك تعلم أن أمى هى أرحم الناس بى وأنا أعلم أنك أرحم بى من أمى، وأمى لا ترضى لى الهلاك أفترضاه لى أنت وأنت أرحم الراحمين، أترون هذه طارحة ولدها فى النار؟ قالوا: لا يا رسول الله، للله أرحم بعباده من هذه الأم بولدها فعد إلى الله، فالتوبة تجب ما قبلها.
ومن شروط التوبة: أن تندم على ما مضى، فالندم هو ركن التوبة الأعظم وأن تقلع عن جميع الذنوب والمعاصى، وأن تداوم على العمل الصالح، وأن ترد حقوق العباد إلى العباد قبل أن يأتى يوم لا درهم فيه ولا دينار، وإنما أخذ من الحسنات ورد له من السيئات: أتدرون من المفلس؟" والحديث رواه مسلم من حديث أبى هريرة – رضى الله عنه- قالوا- المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال :" ولكن المفلس من أمتى من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج، ويأتى وقد شتم هذا وقذف هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى عليه أخذ من سيئات من ظلمهم ثم طرحت عليه فطرح فى النار"([17])** اللهم نجنا من النار.
أيها الأفاضل التوبة إلى الله خير بداية وخير نهاية، فالمقبل على الله بهمة عالية.
وعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم تعظم فى عين الصغير صغارها
وتأتى على قدر الكرام المكارم تصغر فى عين العظيم العظائم
فلنقبل على هذا الموسم موسم الطاعة بهمة عالية.
وهذا هو محورنا الرابع والأخير والمهم من عناصر اللقاء: موسم الطاعة إذا أراد أحدنا أن يقيم مشروعاً تجارياً للدنيا، فإنه يعد لهذا المشروع قبل أن يشرع فيه دراسة جدوى فهل وضعت دراسة جدوى لموسم الطاعة، هل وضعت لنفسك برنامجاً نهارياً ليلياً فى رمضان، هل جلست لتخطط، فهذا موسم طاعة ليس موسماً للطعام والشراب، فنحن نأكل فى رمضان الأرطال ونشرب فيه الأسطال، وندعى أننا أبطال حولنا الشهر إلى طعام وشراب ونوم إلا من رحم ربى، اللهم اجعلنا ممن رحمت.
رمضان موسم طاعة أضع لك برنامجاً سريعاً لتجعل هذا البرنامج بين يديك وبين عينيك لا لتستمتع به استمتاعاً سلبياً بارداً وإنما نتضرع إلى الله جميعا لنحول هذا البرنامج إلى منهج عملى:
أولاً: المحافظة على الصلوات فى جماعة لا تضيع الصلاة، وأنا أرى إقبالاً على المساجد فى أول رمضان حتى إذا ما دخلنا إلى النصف الثانى وبداية العشر الأواخر نرى الهمم وقد فترت نرى فتورا فى الهمم ونرى تكاسلاً على الصلاة، المحافظة على الصلاة فى جماعة فى بيوت الله سبحانه ، قال تعالى: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ (238) سورة البقرة.
قال تعالى:إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103) سورة النساء.
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- أنه قال:" من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا فى الجنة كلما غدا أو راح"([18]).
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- أن النبى قال: "ألا أدلكم على ما يمحو به الله الخطايا ويرفع به الدرجات". قالوا بلى يا رسول الله قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط"([19]).
ومن حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- فى صحيح مسلم أن النبى قال: "أرأيتم لو أن نهراً أمام باب أحدكم يغتسل به خمس مرات أيبقى من درنه شئ". يعنى هل يبقى على جسمه شئ من القذر أو الدنس، قالوا: لا يا رسول الله قال عليه الصلاة والسلام:" كذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" ([20])
كثيرا من الصائمين يضبع صلاة الفجر وصلاة العصر، يضيع صلاة الفجر لأنه ضيع معظم الليل أمام التلفاز وقبل الفجر بساعة أو ساعتين يغلبه النوم فينام فلا يستطيع أن يقوم لصلاة الفجر وهكذا دواليك اسمعوا، قال رسول الله - والحديث فى الصحيحين- قال:إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء"([21]) .
هل ترضى لنفسك أن تكون فى هذا الصنف الخبيث منذ متى وأنت لم تصل الفجر منذ متى حتى صار الأمر عندك عاديا جداً، فإنك ورب الكعبة على خطر عظيم فهذه شهادة نبوية وميزان دقيق على كل مسلم ومسلمة إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء، فصلاة الفجر مقياس دقيق للإيمان والنفاق، كذلك يأتى من عمله متعباً فينام حتى تفوت صلاة العصر والله إن فعل ذلك لعذر أنه لا يقدر فعلا على القيام فهو معذور، قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } (286) سورة البقرة. قال : رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"([22])
أما أن يقضى رمضان كله وهو نائم فى وقت صلاة العصر فهو على خطر عظيم فمن ضيع صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله([23]) أى فقد أهله وماله والحديث فى سنن الهدى ولو صليتم فى بيوتكم- لهذا
الذى يتخلف للصلاة فى بيته- لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتم وما يتخلف عنها- أى صلاة الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقف فى الصف"([24]) فحافظوا على الصلوات فى بيوت الله.
ثانياً: المحافظة على ورد يومياً فى كتاب الله جل وعلا: منذ متى أنت لم تفتح القرآن هيا انفض عن القرآن الغبار وأخرجه من حقيبته، وأشرع فى تلاوة كتاب الله بفهم وتدبر اقرؤوا القرآن، اقرأ القرآن فإنه يأتى يوم القيامة شفيعا لأصحابه .... رواه مسلم من حديث أبى أمامة([25])." لا حسد إلا فى اثنتين رجل آتاه
الله القرآن فهو يقيم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل والنهار" رواه البخارى ومسلم من حديث ابن عمر([26]) . "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة"، "والذى يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران"..... رواه البخارى ومسلم من حديث عائشة رضى الله عنها([27]) . "من قرأ
حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، أما إنى لا أقول ألم حرف بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف..." رواه الترمذى بسند صحيح من حديث ابن مسعود.([28]) .
قال :" يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به أى يقدم القرآن سورة البقرة وسورة آل عمران كأنهما غمامتان كأنهما عمامتان أو حذقان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما..." رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان([29])**.
أيها الأفاضل هذا غيض من فيض فى فضل كتاب الله سبحانه وتعالى فيا من تركتم وهجرتم كتاب الله هيا انفضوا عن كتاب الله غبار الغفلة واجعلوا لكم ورداً يومياً مع القرأن الكريم، ما أجمل أن تجلس مع امرأتك مع أولادك بعد الفجر مثلا أو بعد العصر مثلا لتقرؤوا سويا جزأين من كتاب الله أو يزيد اقرأ ربما يقول والد من آبائنا الكرام: وأنا لا أحسن التلاوة فماذا أصنع، أحرص أن تجلس فى جلسة تقرأ القرآن فى المسجد بعد الفجر أو بعد العصر لتسمع القرآن، أو إن وجدت رمقاً من الوقت فامكث فى بيت الله سبحانه وتعالى واقض الوقت فى طاعة كاستغفار كصلاة على نبينا المختار كتسبيح وتهليل وتحميد وتكبير فأنت فى طاعة وأنت فى صلاة ما دمت فى بيت الله تنتظر الصلاة ، وملائكة الله تدعو لك وتصلى عليك: اللهم اغفر له وراحمه اللهم صل عليه وأنت فى صلاة ما انتظرت الصلاة مالم ينتقض وضوؤك، فإن انتقض وضوؤك فقم وجدد وضوءك وأقبل مرة أخرى على طاعة الله سبحانه وتعالى.
ثالثاً: صلاة التراويح شهرا: احرص على أن تقيم كل ليالى هذا الشهر الفضيل لا تضيع ليلة، ومن قام مع الإمام حتى ينصرف إمامه كتب له قيام ليلة فاحرص على أن تصلى التراويح كلها مع إمامك، ومن رحمة الله أن ترى فى مساجد المسلمين مسجداً يختم أهله القرآن وترى مسجداً آخر يقرأ بآيات قليلة هذه رحمة وهذا تيسير وتخفيف، فإنه لم يثبت أنه حرص على أن يختم القرآن أو أن يقرأ بجزء فى الليل، بل كل على حسب قدرته وطاقته، وينبغى للإمام أن يراعى أحوال المأمومين وراءه فإن وجد أن المأمومين فى نشاط أو حيوية فلا حرج أن يقرأ القرآن وأن يزيد وإن وجد أن المأمومين خلفه لا يطيقون ذلك فلا حرج عليه أن يخفف، نسأل الله أن يرزقنا الحكمة والرحمة، وإذا أراد أن يطيل فليطل لنفسه ما شاء الله بينه وبين ربه فى بيته لا حرج البتة فى ذلك، ولا ينبغى أن نجعل فى هذا الأمر إشكالاً يعكر علينا صفو قلوبنا ما تبقى بعد جلسة الاستراحة.
وأقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد...
فرمضان موسم الجود موسم الإحسان، من فطر فيه صائماً كان له مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجر الصائم شئ، طعامك الذى تعده بلا مزيد يكفى أن تطعم منه كل يوم فقيراً أو صائماً. روى البخارى عن ابن عباس- رضى الله عنه-:" كان رسول الله أجود ما يكون بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه فى كل ليلة فى رمضان يعرض عليه القرآن"([30]). فرمضان شهر الجود شهر الإحسان شهر البر شهر النفقة. أنفق ولا تخش من ذى العرش إقلالاً أنفق ينفق عليك. رواه البخارى ومسلم عن رسول الله عن رب العزة يقول فى الحديث القدسى:" يا آدم أنفق عليك"([31]) لو أنفقت تولى الإنفاق عليك من لم تنفد خزائنه، أنفق ينفق عليك {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ
مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) سورة آل عمران. فاجتهد أن تفطر معك كل يوم صائماً أو يزيد، رمضان شهر الذكر والاستغفار والتوبة والحرص على الطاعة، فإن هيأ الله لك الوقت بعد العصر أو بعد المغرب لست منشغلاً بأمر من أمور الدنيا، فياحبذا لو قضيت هذا الوقت كله فى بيت الله أو يا حبذا لو قضيت هذا الوقت كله مع زوجتك وأولادك، وقد اجتمعتم حول كتاب الله داوم على الذكر على أذكار الصباح وأذكار المساء وعلى الأذكار المطلقة، فليكن لسانك رطباً على الدوام بذكر الله سبحانه وتعالى، وأحذر نفسى وإخوتى من تضييع الوقت أمام وسائل الإعلام، فإذا جلست أمام التلفاز سحرك ومضت الساعة تلو الساعة تلو الساعة، وانقضى ليلك بل وأنقضى شهرك وأنت لا تدرى، فالمغبون من ضيع رمضان والمغبوط من وظف رمضان واستثمره فى طاعة الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبلغنا رمضان وأن يبارك لنا فيه، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك([32]) اللهم أعنا
على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم لا تجعل لأحد منا فى هذا الجمع ذنبا إلا غفرته ولا مريضاً إلى شفيته ولا عاصياً بيننا إلا وهديته ولا طائعاً إلا زدته وثبته، ولا حاجة لنا هى لك رضا ولنا فيها صلاح إلا وقضيتها يا رب العالمين.