السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
إنَّ الطفل في المرحلة الأولى من
عُمره قد يمارس الكذب ، بأن يختلق قصصاً لا وجود لها ، كما أن يتحدَّث
لأقرانه عن شراء أمه لفستان جميل ، أو شراء أبيه لسيارة فاخرة ، أو يتحدث
لأمّه عن الحيوان الجميل الذي رافقه في الطريق .
كما أنَّ هناك نوعاً آخر من الكذب وهو إخفاء الحقيقة عن الآخرين ، مثل
ادَّعاء الطفل أن صديقه قد كسر الزجاجة ، أو نكرانه لضرب أخته ، وكل هذه
الأنواع من الكذب ليس من الطبيعي وجودها عند الأطفال ، لأن الصدق غريزة
تولد معه ، ولا يندفع إلى الكذب إلا لوجود عارض يَئِد غريزة الصدق عنده .
ويمكن إيجاز أسباب الكذب عند الأطفال بما يأتي :
أولاً : جلب الانتباه :
حين تسمع الأم طفلها في المرحلة الأولى من عمره يتحدَّث لها عن أمور لا
واقع لها ، فإن سببه يرجع إلى حرصه في أن يحتلَّ موقعاً خاصاً عند والديه
اللذين لا يصغيان إليه حين يتحدّث إليهما كالكبار .
فهو لا يفهم أنَّ حديثه تافهٌ لا معنى له ، وكذلك حين يتحدث للآخرين عن
قضايا لا وجود لها فهو بهذه الطريقة أيضاً يحاول أن يجد عندهم مكاناً
لشخصيته بعد أن تجاهله الأبوين في الأسرة .
ثانياً : تعرُّضه للعقوبة :حين تسأل الأم طفلها الصغير عن حاجة قد تهشَّمت
أو أذىً أصاب أخاه أو علة اتِّساخ ملابسه ، فلا يقول الحقيقة ، ويدَّعي
ببراءته من هذه الأفعال ، في حين أن نفسه تنزع لقول الصدق ، ولكن خوفه من
تعرُّضه للعقوبة تجعله ينكر الحقيقة ، وهكذا كلما يزيد الوالدين في
حِدَّتهما وصرامتهما كلَّما ازداد الكذب تَجذُّراً في نفسه .
ثالثاً : واقع الوالدين :
إنَّ الطفل في سنواته الأولى يتخذ من والديه مثلاً أعلى له في السلوك ،
وحين يسمع أمه تنكر لأبيه خروجها من المنزل في وقت اصطحبته معها لزيارة
الجيران ، أو يجد أباه يحترم رئيس عمله ويقدره إذا رآه ، ثم يلعنه ويسبُّه
بعد غيابه ، إن أمثال هذه السلوكيات وغيرها تجعل الطفل يستخدم نفس الأسلوب
الذي وجد أبويه عليه