الحمد لله الذي هيأ لعباده
أسباب الهداية، ويســــــــر لهم دروب الإستقامة، وفتح لهم أبواب رحمته،
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وهداية للخلق أجمعين وعلى من
سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أمّا بعد :
فهاهو رمضان قد أقبل بنوره وعطره، و جاء بخيره وطهره، جاء ليربي في الناس
قوة الإرادة ورباطة الجأش، ويربي فيهم ملكة الصبر، ويعودهم على احتمال
الشدائد، والجلد أمام العقبات ومصاعب الحياة.
فرمضان مدرسة تربوية (يتدرب بها المسلم المؤمن على تقوية الإرادة في الوقوف
عند حدود ربه في كل شيء، والتسليم لحكمه في كل شيء، وتنفيذ أوامره وشريعته
في كل شيء، وترك ما يضره في دينه أو دنياه أو بدنه من كل شيء، ليضبط
جوارحه وأحاسيسه جميعاً عن كل ما لا ينبغي بتدربه الكامل في هذا الشهر
المبارك، ليحصل على تقوى الله في كل وقت وحين، وفي أي حال ومكان، وذلك إذا
اجتهد على التحفظ في هذه المدرسة الرحمانية بمواصلة الليل مع النهار على
ترك كل إثم وقبيح، وضبط جوارحه كلها عما لا يجوز فعله. لينجح من هذه
المدرسة حقاً، ويخرج ظافراً من جهاده لنفسه، موفراً مواهبه الإنسانية
وطاقاته المادية والمعنوية لجهاد أعدائه). فحري بهذا الشهر أن يكون فرصة
ذهبية، للوقوف مع النفس ومحاسبتها لتصحيح ما فات، واستدراك ما هو آت، قبل
أن تحل الزفرات، وتبدأ الآهات، وتشتد السكرات.
رمضان هلْ لي وقفة أستروحُ الذكرى وأرشـــــــف كلها المـعـسولا
رمضان ! هل لي وقفة أسترجع الماضي وأرتع في حمـاه جــذولا
فأذن - لي قارئي الكريم - أن أستقطع من وقتك الثمين جزءاً
يسيراً لنتذاكر جميعاً ونتساءل: هل يمكننا أن نغير من أحوالنا، ونحسن من
أوضاعنا، فنفكر في مآلنا ومصيرنا بعد فراق حياتنا، فنمهد لأنفسنا قبل عثرة
القدم، وكثرة النـــدم، فنتزود ليوم التناد بكامل الإستعداد.
فأسأل الله تعالى أن يبدل من أحوالنا، ويقلب من شأننا، حتى يصبح يومنا
خيراً من أمسنا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .