السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة عليّ مع النبي # وصلاة ليلة النصف من شعبان
إعداد / علي حشيش
نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف
على حقيقة هذه القصة التي اتخذها المبتدعة أصلا من الأصول في الاستدلال
على مشروعية صلاة ليلة النصف من شعبان التي اشتهرت عند العوام وروجها
المتصوفة في البلاد فراجت بمصر والشام وغيرها.
أولا متن القصة:
"قال عليّ رضي الله عنه رأيت رسول الله # ليلة النصف من شعبان قام فصلى
أربع عشرة ركعة، ثم جلس بعد الفراغ، فقرأ بأم الكتاب أربع عشرة مرة، و"قل
هو الله أحد" أربع عشرة مرة، و"قل أعوذ برب الفلق" أربع عشر مرة، و"قل أعوذ
برب الناس" أربع عشرة مرة، وآية الكرسي مرة، و"لقد جاءكم رسول من أنفسكم"
الآية، فلما فرغ من صلاته سألته عمّا رأيته من صنيعه، قال: "من صنع مثل
الذي رأيت، كان له كعشرين حجة مبرورة، وصيام عشرين سَنَة مقبولة، فإن أصبح
في ذلك اليوم صائما كان كصيام سنتين: سنة ماضية وسنة مستقبلة".
ثانيا التحقيق:
أخرج هذه القصة البيهقي في "الشُّعب" (3-386) ح(3841) من حديث علي رضي الله
عنه حيث قال الإمام البيهقي: أخبرنا عبد الخالق بن علي المؤذن، أخبرنا أبو
جعفر محمد بن بسطام القرشي بقرية داية حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن
جابر؛ حدثني أحمد بن عبد الكريم، حدثنا خالد الحمصي، عن عثمان بن سعيد بن
كثير، عن محمد بن المهاجر، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم قال: قال عليُّ
رأيت رسول الله # ليلة النصف من شعبان...." فذكر القصة والقصة أخرجها أيضا
الإمام ابن الجوزي في "الموضوعات" (2-129) قال: أنبأنا إبراهيم بن محمد
الأزجي، قال أنبأنا الحسين بن إبراهيم، أنبأنا أبو الحسين علي بن الحسن بن
محمد الكرجي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الخطيب، أنبأنا
الحاكم أبو القاسم عبد الله بن أحمد الحسكاني، حدثني أبو القاسم عبد الخالق
بن علي المؤذن به.
قلت: أي بنفس سند الإمام البيهقي حيث يلتقي معه في شيخه (عبد الخالق بن علي
المؤذن) والقصة واهية وإسنادها تالف وقد بيّن ذلك الإمام ابن الجوزي في
"الموضوعات" (2-130) حيث قال: "هذا موضوع وإسناده مظلم وكان واضعه يكتب من
الأسماء ما وقع له ويذكر قوما ما يعرفون، وفي الإسناد محمد بن مهاجر قال
ابن حنبل: يضع الحديث".
قلت: وأورد ابن عراق هذه القصة في "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار
الشنيعة الموضوعة" (2-94) كتاب الصلاة الفصل الأول وإيراد القصة في الفصل
الأول من كتاب الصلاة من تنزيه الشريعة له قاعدة أوردها ابن عراق في
المقدمة وذكرها له أهمية كبيرة جدا في التحقيق حيث قال ابن عراق: "وجعلت كل
ترجمة غير كتاب المناقب في ثلاثة فصول:
الأول: فيما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف فيه.
والثاني: فيما حكم بوضعه وتعقب فيه.
والثالث: فيما زاد الأسيوطي عن ابن الجوزي.
قلت: يتبين من هذه القاعدة وإيراد القصة في الفصل الأول من كتاب الصلاة أن
القصة كما قال الإمام ابن الجوزي موضوعة ولم يخالف ابن الجوزي في هذا
الحكم.
ونقل ابن عراق تحقيق ابن الجوزي مختصرا حيث قال: "وإسناده مظلم وفيه محمد بن مهاجر".
قلت: نعم إسناد القصة مظلم والقصة موضوعة ولكن في قول الإمام ابن الجوزي
"وفي الإسناد محمد بن مهاجر، قال أحمد بن حنبل: يضع الحديث" وموافقة ابن
عراق عليه حيث قال: "وفيه محمد بن مهاجر".
قلت: هذا قول فيه نظر وإلى طالب هذا الفن بيان ذلك:
ثالثا "المتفق والمفترق"
وهو أن تتفق أسماء الرواة وأسماء آبائهم فصاعدا خطا ولفظا وتختلف أشخاصهم كذا في "مقدمة ابن الصلاح" النوع (54).
وفائدته: معرفة هذا النوع مهم جدا فقد زلق بسبب الجهل به غير واحد من أكابر العلماء" كذا في "التدريب" (2-316).
قلت: وتظهر أهميته في التمييز بين المشتركين في الاسم فربما يكون أحدهما
ثقة والآخر ضعيفا فيضعف ما هو صحيح أو العكس، وهذا ما حدث من الإمامين ابن
الجوزي وابن عراق رحمهما الله وهما من أكابر علماء الصنعة وبيان ذلك:
1 محمد بن مهاجر الذي في سند هذه القصة شيخ عثمان بن سعيد بن كثير كما هو
مبين في السند الذي أوردناه آنفا وعثمان هذا أورده الحافظ في "التقريب"
(2-9) وقال: "عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي مولاهم أبو عمرو
الحمصي ثقة عابد من التاسعة مات سنة تسع ومائتين" اه.
أما شيخه محمد بن مهاجر فقد بيَّن الإمام المزي في "تهذيب الكمال"
(12-407-4399) أنه هو محمد بن مهاجر الأنصاري ثم قال في "تهذيب الكمال"
(17-270-2625): "محمد بن مهاجر الأنصاري الأشهبي الشامي أخو عمرو بن مهاجر
روى عنه عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي... قال عبد الله بن أحمد بن
حنبل عن أبيه: وعثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين، وعن دحيم، وأبو
زرعة الدمشقي وأبو داود ويعقوب بن سفيان "ثقة".
قلت: لذا أورده الحافظ ابن حجر في "التقريب" (2-211): "ثقة من السابعة مات
سنة سبعين ومائة" قلت: "وبهذا يتبين عدم صحة قول الإمام ابن الجوزي رحمه
الله: "وفي الإسناد محمد بن مهاجر قال ابن حنبل: يضع الحديث" وقد تبين
بالتحقيق أن محمد بن مهاجر هو الأنصاري وتبين قول أحمد بن حنبل فيه أنه ثقة
ويتبين أيضا عدم صحة قول ابن عراق.
2 محمد بن مهاجر الذي يتفق مع الأنصاري في اسمه واسم أبيه.
هو محمد بن مهاجر الطالقاني أخو حنيف هذا هو الوضاع الذي تشابه على الإمام
ابن الجوزي رحمه الله اسمه، قال الإمام الذهبي في "الميزان" (4-49): "محمد
بن مهاجر شيخ متأخر وضَّاع. هو الطالقاني يعرف بأخي حنيف يروي عن أبي
معاوية وغيره كذّبه صالح جزَرة وغيره" اه.
وأقره الحافظ ابن حجر في "اللسان" (5-448) (1288-8073) في كل ما قاله
الإمام الذهبي إلا أنه تعقبه في التأخر حيث قال: "ووصف المؤلف له بأنه
متأخر مخالف لقاعدته، فإن الحد الفاصل عنده بين المتقدم والمتأخر، رأس
الثلاثمائة، وهذا كان في حدود الستين ومائتين فهو متقدم، وقد روى أيضا عن
ابن عيينة" اه
قلت: 1 فالحافظ ابن حجر لم يتعقب الإمام الذهبي في قوله: محمد بن مهاجر
الطالقاني وضَّاع بل أقره وزاد ما يؤكد الوضع حيث نقل عن الجوزجاني قوله:
"يضع الحديث" وعن ابن عقدة قال: "ليس بشيء، ضعيف ذاهب".
2 التعصب من الحافظ حول قول الذهبي: محمد بن مهاجر الطالقاني متأخر وقال
"أنه في حدود الستين ومائتين" فهو متقدم، وقوله "متأخر" مخالف لِقاعدته فإن
الحد الفاصل عنده بين المتقدم والمتأخر رأس الثلاثمائة.
قلت: كلام الحافظ صحيح إذا وضع محمد بن مهاجر الطالقاني أمام قاعدة الذهبي المطلقة.
ولكن الإمام الذهبي رحمه الله أورده في "الميزان" (4-49) الطالقاني بعد
الأنصاري مباشرة للمقارنة فقال: 8217 محمد بن مهاجر الأنصاري فشامي وثقة
مشهور يروي عن التابعين.
8218 محمد بن مهاجر شيخ متأخر وضاع هو الطالقاني.
قلت: فهذا تأخر نسبي أي أن الطالقاني الوضاع متأخر عن الأنصاري الثقة،
فالأنصاري كما قال الذهبي يروي عن التابعين، والطالقاني كما قال الحافظ
نفسه روى عن ابن عيينه من اتباع التابعين فذكر التقدم والتأخر في وسط
المتفق المفترق يدل على التأخر النسبي للتفريق وبهذا يسلم الإمام الذهبي من
التعقب بالمخالفة والقرينة التي تؤيد ذلك قوله عن الأنصاري في آخر ترجمته
"يروي عن التابعين ثم ذكر الطالقاني مباشرة بأنه متأخر أي أنه يروي عن
اتباع التابعين كما بينا آنفا وهذا تحقيق مهم حيث يجعل الباحث يبحث عن
منطقة العلل في السند بعد أن تبين له أن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي ثقة
وشيخه محمد بن مهاجر الأنصاري ثقة أيضا وهذا ما تبين للإمام البيهقي في
"الشعب" (3-387) ح(3841) حيث قال عن الحديث الذي جاءت به القصة: "يشبه أن
يكون هذا الحديث موضوعا وهو منكر وفي رواته قبل عثمان بن سعيد مجهولون".
رابعا: علل أخرى في سند القصة
1 خالد الحمصي الذي روى عن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي الثقة هو خالد بن
عمرو أورده ابن عدي في "الكامل" (3-33) (24-594) وقال: "خالد بن عمرو بن
خالد أبو الأخيل السُّلفي الحمصي: روى أحاديث منكرة عن ثقات الناس" وروى عن
ابنه أحمد بن أبي الأخيل أنه مات سنة ست وثلاثين ومائتين" اه.
وقال الذهبي في "الميزان" (1-636-2448):
"كذبه جعفر الفريابي، ووهاه ابن عدي وغيره".
قلت: انظر إلى دقيق تحقيق ابن عدي في حكمه على خالد الحمصي بقوله: "روى
أحاديث منكرة عن ثقات الناس" ثم انظر إلى تطبيق هذا القول على هذه القصة
المنكرة التي رواها خالد الحمصي عن عثمان بن سعيد الحمصي الثقة.
وخالد الحمصي روى عن محمد بن حرب الحمصي الثقة وهو من طبقه عثمان بن سعيد الحمصي انظر "التقريب" (2-153)، (2-9).
2 وعلة أخرى في السند: رواية إبراهيم عن علي رضي الله عنه؛ قال ابن أبي
حاتم في "المراسيل" (ص10) رقم (23): "قال أبو زرعة: إبراهيم النخعفي عن علي
مرسل" اه
وقال ابن أبي حاتم في رقم (21):
"سمعت أبي يقول: لم يلق إبراهيم النخعي أحدا من أصحاب النبي # إلا عائشة
ولم يسمع منها شيئا فإنه دخل عليها وهو صغير وأدرك أنسا ولم يسمع منه".
قلت: بهذا التحقيق يتبين أن السند تالف والقصة واهية.
قصة أخرى لعليّ مع النبي #
وصلاة ليلة النصف من شعبان
روي عن النبي # أنه قال: "يا علي، من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان،
يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد عشر مرات" قال النبي #:
"يا علي ما من عبد يصلي هذه الصلوات إلا قضى الله عز وجل له كل حاجه طلبها
تلك الليلة". قيل يا رسول الله وإن كان الله جعله شقيا أيجعله سعيدًا؟ قال:
"والذي بعثني بالحق نبيا يا عليّ إنه مكتوب في اللوح أن فلان بن فلان خلق
شقيا، يمحوه الله عز وجل، ويجعله سعيدا، ويبعث الله إليه سبعين ألف ملك
يكتبون له الحسنات، ويمحون عنه السيئات، ويرفعون له الدرجات إلى رأس السنة
ويبعث الله في جنات عدن سبعين ألف ملك أو سبعمائة ألف ملك يبنون له المدائن
والقصور ويغرسون له الأشجار مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب
المخلوقين... والذي بعثني بالحق إن الله يبعث في كل ساعة من ساعات الليل
والنهار وهي أربع وعشرون ساعة سبعين ألف ملك يسلمون عليه ويصافحونه ويدعون
له إلى أن ينفخ في الصور ويحشر يوم القيامة مع الكرام البررة...".
التخريج والتحقيق
1 الحديث الذي جاءت به هذه القصة أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2-127)
ثم أخرج طريقين آخرين لهذه الصلاة الألفية أي التي يقرأ فيها ألف "قل هو
الله أحد" في مائة ركعة ثم قال: "هذا حديث لا نشك أنه موضوع، وجمهور رواته
في الطرق الثلاثة مجاهيل وفيهم ضعفاء بمرة، والحديث محال قطعا، وقد رأينا
كثيرا ممّن يصلي عدة الصلاة يفوتهم صلاة الفجر ويصبحون كسالى، وقد جعلها
جهلة أئمة المساجد مع صلاة الرغائب ونحوها من الصلوات، شبكة لمجمع العوام
وطلبا لرياسة التقدم، وملأ بذكرها القصاص مجالسهم، وكل ذلك عن الحق بمعزل"
اه.
2 الحديث أورده ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2-93) وقال: جمهور رواته
مجاهيل، وفيه ضعفاء، قال الذهبي: "إنه من وضع علي بن الحسن علي الثوري".
3 الحديث الذي جاء به هذه القصة أورده الإمام الشوكاني في "الفوائد
المجموعة في الأحاديث الموضوعة" ص(50) ثم قال: "هو موضوع، وفي ألفاظه
المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب مالا يمتري إنسان له تمييز في وضعه،
ورجاله مجهولون".
وقد روي من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة، ورواتها مجاهيل.
قلت: الطريق الثانية لصلاة النصف من شعبان هي من طريق ابن عمر، زخرجها ابن
الجوزي في "الموضوعات" (2-128)، والطريق الثالثة من طريق أبي جعفر الباقر
وأخرجها أيضا ابن الجوزي في "الموضوعات" (2-128) وقد حكم بالوضع على الطرق
الثلاث كما بيّنا آنفا.
الإحياء للغزالي وصلاة ليلة النصف من شعبان
من أسباب انتشار واشتهار هذه الصلاة ليلة النصف من شعبان في القرى والنجوع
وعند المتصوفة أن الغزالي أوردها في "الإحياء" (1-203) حيث قال: "وأما صلاة
شعبان: فليلة الخامس عشر منه يصلي مائة ركعة كل ركعتين بتسليمة يقرأ كل
ركعة بعد الفاتحة قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة وإن شاء صلى عشر ركعات يقرأ
في كل ركعة بعد الفاتحة مائة مرة قل هو الله أحد، فهذا أيضا مروي في جملة
الصلوات كان السلف يصلون هذه الصلاة ويسمونها صلاة الخير، ويجتمعون فيها،
وربما صلوها جماعة، روى عن الحسن أنه قال: حدثني ثلاثون من أصحاب النبي #
أنه من صلى هذه الصلاة في هذه الليلة نظر الله إليه سبعين نظرة وقضى له بكل
نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة" اه.
تحقيق ما أورده الغزالي في الإحياء
قال الحافظ العراقي في "المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من أخبار" (1-204):
"حديث صلاة ليلة نصف شعبان باطل" اه.
قلت: ولقد بين ذلك الإمام الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث
الموضوعة" ص(51) حيث قال: "وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء، كصاحب
الإحياء وغيره وكذا من المفسرين وقد رويت صلاة هذه الليلة، أعني ليلة النصف
من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة" اه.
قلت: وإن تعجب فعجب بعد أن تبين أن صلاة ليلة النصف من شعبان باطلة موضوعة
ووقعتها المنسوبة للإمام علي رضي الله عنه واهية، كيف يذكر صاحب الإحياء أن
ثلاثين صحابيا من أصحاب النبي # قالوا: "إنه من صلى هذه الصلاة في هذه
الليلة نظر الله إليه نظرة وقضى له بكل نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة"؟
"بيان منشأ صلاة ليلة النصف من شعبان"
قال الإمام أبو شامة المقدسي رحمه الله في "الباعث على إنكار البدع
والحوادث" ص(52): "وأصلها ما حكاه الطرطوشي في كتابه. وأخبرني به أبو محمد
المقدسي، قال: لم يكن عندنا ببيت المقدس قط صلاة الرغائب هذه التي تصلى في
رجب وشعبان، وأول ما حدثت عندنا في سنة ثمان وأربعين وأربع مائة، قدم علينا
في بيت المقدس رجل من نابلس يعرف بابن أبي الحمراء، وكان حسن التلاوة،
فقام يصلي في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان، فأحرم خلفه رجل، ثم انضاف
إليهما ثالث ورابع فما ختمها إلا وهم جماعة كثيرة، ثم جاء في العام القابل
فصلى معه خلق كثير وشاعت في المسجد، وانتشرت الصلاة في المسجد الأقصى،
وبيوت الناس ومنازلهم ثم استقرت كأنها سنة إلى يومنا هذا" اه.
حديث موضوع
رَوِيَ عن علي رضي الله عنه عن النبي # قال: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان
فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء
الدنيا فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى
فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى الفجر".
1 التخريج:
الحديث أخرجه ابن ماجه (1-444) ح(1388) ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في
"العلل المتناهية في الأحاديث الواهية" (2-561 562) ح(923) والبيهقي في
"شعب الإيمان" (3-378) ح(3822) قال ابن ماجه: حدثنا الحسن بن علي الخلال
حدثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن أبي سبرة عن إبراهيم بن محمد عن معاوية بن عبد
الله بن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله #: فذكره.
2 التحقيق
الحديث "موضوع" وعلته ابن أبي سَبْرَة قال الذهبي في "الميزان" (4-503)
ت(10024) أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ضعفه البخاري وغيره وروى عبد
الله وصالح ابنا أحمد عن أبيهما قال: كان يضع الحديث، وقال النسائي: متروك
وقال ابن معين ليس حديثه بشيء" اه.
ثم أورد له الإمام الذهبي هذا الحديث وجعله من مناكيره، وضعف هذا الحديث
المنذري في "الترغيب" (2-119) والإمام العراقي في "المغني" (1-204 أحياء).
وقال ابن حبان في "المجروحين" ابن أبي سبرة: "كان ممن يروي الموضوعات عن
الأثبات لا يحل كتابة حديثه ولا الاحتجاج به بحال، كان أحمد بن حنبل يكذبه"
اه.
قلت: لذلك قال الشيخ ابن باز في "التحذير من البدع" ص(11): "ومن البدع التي
أحدثها بعض الناس بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيص يومها
بالصيام وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، أما ما ورد في فضل الصلاة
فيها فكله موضوع" اه.
هذا ما وفقني الله إليه وهو وحده من وراء القصد.