موضوع: قصة عروس النيل وبطاقة عمر بن الخطاب رضى الله عنه الثلاثاء مارس 29, 2011 1:09 pm
قصة عروس النيل وبطاقة عمر بن الخطاب رضى الله عنه
اولاً : المتن :
" لما فتح عمرو بن العاص مصر أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونة من أشهر العجم فقالوا له :أيها الأمير ان لنيلنا هذا سنة لا يجرى الا بها فقال لهم : وما ذاك ؟قالوا : انه اذا كان لثنتى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا الى جارية بكر بين ابويها فأرضينا ابويها وجعلنا عليها الحُلىّ والثياب افضل ما يكون , ثم ألقيناها فى هذا النيل , فيجرى .
فقال لهم عمرو :إن هذا لا يكون فى الاسلام وإن الاسلام يهدم ما قبله, فأقاموا
بؤونة وابيب ومسرى لا يجرى قليلاً ولا كثيراً حتى هموا بالجلاء , فلما رأى ذلك عمرو ,كتب الى عمر بن الخطاب بذلك , فكتب إليه عمر : قد أصبت ان الاسلام يهدم ما قبله وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها فى داخل النيل اذا اتاك كتابى .
فلما قدم الكتاب على عمرو وفتح البطاقة فاذا فيها : " من عبد الله :امير المؤمنين الى نيل اهل مصر اما بعد : فان كنت تجرى من قبلك فلا تجر وان كان الله الواحد القهار الذى يجريك فنسال الله الواحد القهار ان يجريك ."
فعرّفهم عمرو بكتاب امير المؤمنين والبطاقة ثم القاها فالقى عمرو البطاقة فى النيل قبل يوم الصليب بيوم وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج منها لانه لا يقوم بمصلحتهم فيها الا النيل فأصبحوا يوم الصليب وقد اجراه الله ستة عشر ذراعاً فى ليلة وقطع الله تلك السُّنًّة عن أهل مصر. "
ثانياً: التخريج:
الخبر الذى جاءت به هذه القصة اخرجه ابن عبد الحكم وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم بن اعين بن الليث بن رافع فى كتابه "فتوح مصر واخبارهم " ص264 حيث قال : حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن من حدثه قال "........."القصة .
واخرج هذه القصة ايضاً ابن قدامة وهو عبد الله بن احمد بن محمد بن قدامة فى كتابه "الرقة والبكاء " ص 122 الخبر "91" قال: اخبرنا محمد بن عبد الباقى انبأنا ابو بكر احمد بن زكريا الطرثيثى سنة483 انبانا ابو القاسم هبة الله بن الحسن الطبرى حدثنا محمد بن ابى بكر حدثنا محمد بن مخلد حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا عبد الله بن صالح حدثنى لهيعة عن قيس بن الحجاج عن من حدثه قال :"............." القصة .
ثالثاً : التحقيق :
القصة واهية وفيها علتان :
الاولى : عبد الله بن لهيعة :
وهو عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان بن ربيعة بن ثوبان الحضرمى ابو عبد الرحمن المصرى .
1/ قال الامام ابن حبان فى "المجروحين "
ا/ "قد سبرت اخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيت التخليط فى رواية المتاخرين عنه موجودا وما لا اصل له من رواية المتقدمين كثيرا فرجعت الى الاعتبار فرايته كان يدلس عن اقوام ضعفى عن اقوام راهم ابن اهيعة ثقات فالتزمت تلك الموضوعات به .
ب/ ثم قال : " واما رواية المتاخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة وذاك انه كان لا يبالى ما دفع اليه قراءة سواء كان حديثه او غير حديثه فوجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيه من الاخبار المدلّسة عن الضعفاء والمتروكين ووجب ترك الاحتجاج برواية المتاخرين عنه بعد احتراق كتبه لما فيه مما ليس من حديثه ."
2/ لذلك اورده الحافظ ابن حجر فى " طبقات المدلسين " المرتبة الخامسة رقم12 حيث قال : " عبد الله بن لهيعة الحضرمى اختلط فى اخر عمره وكثرت عنه المناكير فى روايته . "
العلة الاخرى :
نجد ان هذا الخبر فيه راوٍ مبهم لم يروه عن هذا المبهم المجهول الا قيس ابن الحجاج تفرد به ابن لهيعة .
الحديث المبهم : هو الحديث الذى فيه راوٍ لم يُصَرًّح باسمه .قال البيقونى فى منظومته : " ومبهم ما فيه راوٍ لم يسم ". اهـ.
قال الحافظ بن حجر : فى شرح النخبة :" ولا يقبل حديث المبهم ما لم يسم لان شرط قبول الخبر عدالة رواية ومن ابهم اسمه لا تعرف عينه فكيف تعرف عدالته ؟؟"اهـ
قلت : وهذه العلة تجعل هذا الخبر مردودا وتزيد القصة وهنا على وهن خاصة وان قيس بن الحجاج من الطبقة السادسة كما فى التقريب حيث قال الحافظ ابن حجر : "قيس بن الحجاج الكلاعى المصرى من السادسة " .
فالقصة باطلة واهية بالتدليس والطعن فى ابن لهيعة ورواية شيخه عن مجهول مبهم فهى من منكرات ابن لهيعة التى يطول ذكرها .
انتهى التحقيق بفضل الله مع بعض التصرف .
والحمد لله رب العالمين .السلام عليكم ورحمة الله وبركاته