موضوع: الظلم ظلمات يوم القيامة الإثنين يونيو 06, 2011 9:52 pm
إن الناظر في أحوال الناس اليوم ليرى أمرا ًعجبا ًمن ظهور الظلم وتفشيه وتكشيره عنأنيابه ... وتمر علي حالات مريعة من الظلم الظاهر البين والتي يقف المرء أمامها محتاراً يضرب كفا على أخرى من وصول الناس إلى هذه الدرجة من السوء .
فهذا زوج يظلم زوجته ولا يبالي وذاك أب لا يلقي بالاً للظلم الذي يوقعه على بعض أبناءه وثالث يظلم أمه لكي يُرضي زوجته وتاجر يظلم من استأمنه على ماله وصاحب عقار يظلم من يتعامل معه .وكبير يظلم من هو دونه ومسئول يظلم مرؤوسيه
وهكذا تكبر الدائرة وتتضخم .... فإلى هؤلاء نوجه نداءنا هذا :
أيها الظالم :
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم آخره يفضي إلى الندم تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم
والظلم مجاوزة الإنسان حده ، واستطالته بالجور على غيره ، وهو إحدى طبائع النفس البشرية ، تظهره القوة ، ويخفيه الضعف . والظلم من شيم النفوس الضعيفة فلن تجد ذا عفة يظلم ،وقد حذر الإسلام من الظلم أشد التحذير ، وبين آثاره المشينة ، وعواقبه الوخيمة ونتائجه المدمرة ، على الفرد والمجتمع . * فقال سبحانه وتعالى { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} الشعراء227 * وقال( إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص 50 * وقال عز وجل ( إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) الأنعام 21 * وقال تبارك وتعالى(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِالْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)الشورى 42 * وقال( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) ابراهيم 42 * وقال سبحانه وتعالى (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)غافر 18
* وعن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه عن النبي فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما ً، فلا تظالموا …الحديث ) * وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي قال : (الظلم ظلمات يوم القيامة ) * وفى البخارى فى صحيحة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله :
"
انصر أخاك ظالما أو مظلوما . فقال رجل : يا رسول الله ،
أنصره إذا كان مظلوما ، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره ؟
قال : تحجزه ، أو تمنعه ، من الظلم فإن ذلك نصره
"
أما والله إن الظلم شؤم *** وما زال الظلوم هو الملوم إلى ديان يوم الدين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصوم ستعلم في المعاد إذا التقينا *** غداً عند المليك من الظلوم
ويقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ( بئس الزاد إلى المعاد ، العدوان على العباد ) أما ميمون بن مهران فيقول( الظالم والمعين على الظلم والمحب له سواء )
أيها الظالم : اعلم ان دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، فإنه مهما كان ذليلاً ضعيفاً ، أومهاناً وضيعاً ، فإن الله ناصره على من ظلمه ، ومؤيده على من اعتدى عليه فالله تبارك وتعالى يرفع دعوة المظلوم إليه فوق الغمام ويقول لها ( وعزتي وجلالي ، لأنصرنك ولو بعد حين ) ، والمظلوم لا ترد دعوته ، ولو كان كافراً أو فاجراً ، فإن كفره أو فجوره إنما هو على نفسه ،، وقال المنذرى فى الترغيب والترهيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله : " ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " وذكر السيوطي فى الجامع الصغير عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله : " دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ً، ففجوره على نفسه " حديث صحيح وذكر السيوطى فى الجامع الصغير عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله : " اتقوا دعوة المظلوم، وإن كان كافرا، فإنه ليس دونها حجاب " حديث صحيح
وهذا تحذير شديد ، وإنذار ووعيد ، موجه من المصطفى للظالمين حيث يقول : " إن الله تبارك وتعالى يملي ، - وربما قال : يمهل للظالم ، حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة} هود الآية 102 رواه : أبو موسى ألشعرى وصححه الألبانى من صحيح الترمذى
وفى صحيح الحديث يقول عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما ، قال عليه الصلاة والسلام : " اتقوا دعوة المظلوم ؛ فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة " المحدث: الألبانى - المصدر:صحيح الترغيب
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة ( يُرجى الإطلاع (هذه العبارة ليست بحديث ؟)
أيها المظلوم صبراً لا تهن *** إن عين الله يقظى لا تنام نم قرير العين واهنأ خاطراً *** فعدل الله دائم بين الأنام وإن أمهل الله يوماً ظالماً *** فإن أخذه شديد ذي انتقام
أيها الظالم : اعلم أن الظلم عند الله عز وجل يوم القيامة له دواوين ثلاثة : ديوان لا يغفر الله منه شيئا وهو الشرك به ، فإن الله لا يغفر أن يشرك به ، يقول عز وجل ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) [ النساء 48 ] ويقول سبحانه وتعالى ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) [ لقمان 13 ]
وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئاً ، وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً ، فإن الله تعالى يستوفيه كله ، وفى صحيح البخارى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال "من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها ، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم ، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته ، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه "
وديوان لا يعبأ الله به ، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عز وجل ، فإن هذا الديوان أخف الدواوين ، وأسرعها محواً ، فإنه يُمحى بالتوبة ، والإستغفار ، والحسنات الماحية والمصائب المكفرة ، ونحو ذلك فعن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله يقول " قال الله تعالى : يا ابن آدم ! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم ! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم ! لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة " المحدث: السيوطى - المصدر: الجامع الصغير - خلاصة حكم المحدث: صحيح بخلاف ديوان الشرك فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد ، وديوان المظالم ، لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها ، واستحلالهم منها ، ولما كان الشرك أعظم الدواوين الثلاثة عند الله عز وجل حرم الجنة على أهله فلا تدخل الجنة نفس مشركة ، وإنما يدخلها أهل التوحيد ، فإن التوحيد هو مفتاح بابها فمن لم يكن معه مفتاح ، لم يفتح له بابها .
أيها الظالم : علمت مما سبق ، إن الظلم مرتعه وخيم ، وعاقبته أليمة ،وآثاره سيئة ، وقد بين الله سبحانه وتعالى في الكتاب العزيز ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه عاقبة الظلمة " ولعلنا نرى هذه الأيام من آيات الله فى خلقه مايحدث لقادة ورموز النظام السابق فى مصر وتونس وغيرها من ثورات الشعوب العربية نتيجة ما جنت ايديهم من ظلم وفساد كبير " فالله الله في نفسك التي بين جنبيك أحفظها في الدنيا من الآفات الخطيرة ومنها الظلم ، لترتاح في الدنيا وتغنم ، ولتسعد في الآخرة وتنعم.