اللؤلؤ والمرجان
عدد المساهمات : 697 تاريخ التسجيل : 10/05/2011
| موضوع: هل من مات بالسرطان نتيجة شربه الدخان له منزلة الشهداء ؟! الثلاثاء يونيو 28, 2011 6:37 pm | |
|
هل من مات بالسرطان نتيجة شربه الدخان له منزلة الشهداء ؟! السؤال: سمعت أن من مات بسبب السرطان أو حرقاً أو غرقاً فإنه يدخل الجنة ، فهل هذا صحيح ؟ فإني أعرف شخصاً قضى حياته مدخناً ثم مات بسبب سرطان في الحلق ، ولكن الأطباء لم يقولوا إن السرطان الذي أصابه هو بسبب التدخين .
الجواب : الحمد للهأولاً:ثبت في صحيح السنَّة أنواع من الشهداء لهم منازل الشهداء في الآخرة ، وهذا من فضل الله تعالى ورحمته .عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ : الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) .رواه البخاري ( 2674 ) ومسلم ( 1914 ) .وعن جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟ ) قَالُوا : الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ . وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ . وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ . وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ . وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ . وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ . وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ ) .رواه أبو داود ( 3111 ) والنسائي ( 1846 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :قال ابن التين : هذه كلها ميتات فيها شدة ، تَفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه و سلم بأن جعلها تمحيصاً لذنوبهم ، وزيادة في أجورهم ، يبلغهم بها مراتب الشهداء ." فتح الباري " ( 6 / 44 ) . وانظر شرح الحديثين في جوابي السؤالين : ( 45669 ) و ( 10903 ) .وقد جعل بعض العلماء " المرض " داخلاً في تلك الأنواع ، ولم يصحَّ في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وما استدلوا به فهو ضعيف جدّاً أو موضوع ، وهو :عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ مَاتَ مَرِيضًا مَاتَ شَهِيدًا وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَغُدِيَ وَرِيحَ عَلَيْهِ بِرِزْقِهِ مِنْ الْجَنَّةِ ) .رواه ابن ماجه ( 1615 ) وحكم عليه ابن الجوزي والألباني بالوضع ، كما في " السلسلة الضعيفة " ( 4661 ) . ثانياً:من مات بمرض " السرطان " فقد مال بعض أهل العلم إلى أنه يدخل في أنواع الشهداء الوارد ذكرهم في الحديث ، على اعتبار أن " المبطون " عام لكل من مات بداء في بطنه ، وأن ذلك ليس خاصا بداء معين . قال النووي رحمه الله : "وَأَمَّا ( الْمَبْطُون ) فَهُوَ صَاحِب دَاء الْبَطْن , وَهُوَ الْإِسْهَال . قَالَ الْقَاضِي : وَقِيلَ : هُوَ الَّذِي بِهِ الِاسْتِسْقَاء وَانْتِفَاخ الْبَطْن , وَقِيلَ : هُوَ الَّذِي تَشْتَكِي بَطْنه , وَقِيلَ : هُوَ الَّذِي يَمُوت بِدَاءِ بَطْنه مُطْلَقًا " . انتهى . " شرح صحيح مسلم " للنووي . لكن ينبغي أن ينتبه إلى أن ذلك الإلحاق مقيد بشرطين :الأول : أن يكون موضع السرطان في " البطن " ، فيصدق عليه أنه " مبطون " .سئل الشيخ عبد المحسن العبَّاد – حفظه الله - : هل يدخل من يموت بالسرَطان في " المبطون " ؟ .فأجاب : لا ؛ لأن السرطان لا يكون دائماً في البطن ، فقد يكون في غير البطن ." شرح سنن أبي داود " ( شريط رقم 230 ) .وبما أن صاحبك كان موضع السرطان في " حلقه " فهو غير داخل في أي نوع من أنواع أولئك الشهداء .الثاني : أن لا يكون ذلك المرض بسبب تناوله الدخان أو المخدرات أو الخمور ، وغيرها من المحرمات ، إلا أن يكون قد تاب من ذلك توبة نصوحاً ، وامتنع عن تناول تلك المحرمات .وهذا الشرط عام في كل من ذُكر في الحديث ، فالحامل من زنا وتموت في الطلق ليست من الشهداء ، والغريق إذا ركب البحر لمعصية أو فجور ومات غرقاً ليس من الشهداء ، وهكذا من تهدم عليه حائط وهو يزني أو يشرب الخمر لا يكون من الشهداء ، وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم ( 45669 ) عن علماء اللجنة الدائمة أن مات نتيجة حادث سيارة وهو داخلها أنه يدخل في " صاحب الهدم " فيكون شهيداً بإذن الله ، لكن ذلك لا ينطبق على أولئك الشباب المتهورين الذين حصل معهم هذا وهم " يفحطون " بسياراتهم ، ولا على أولئك المتسابقين في ظروف صعبة في الجبال والأودية وعلى الثلوج .وفي جواب السؤال رقم ( 22140 ) نقلنا عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن الغريق العاصي في ركوبه البحر لا يكون شهيداً .وقال – رحمه الله - في موضع آخر :ومن أراد سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك وجب عليه الكف عن سلوكها ، فإن لم يكف فيكون أعان على نفسه ، فلا يكون شهيداً . " الفتاوى الكبرى " ( 5 / 381 ) . وقال السيوطي – رحمه الله - :قال القرطبي : وهذا والذي قبله – أي : صاحب الهدم والغريق - إذا لم يغررا بنفسيهما ، ولم يهملا التحرز ، فإن فرَّطا في التحرز حتى أصابهما ذلك : فهما عاصيان ." الديباج على مسلم " ( 4 / 508 ) .وفي " الموسوعة الفقهية " ( 26 / 273 ، 274 ) : واستثني من الغريب : العاصي بغربته ، ومن الغريق : العاصي بركوبه البحر ، كأن كان الغالب فيه عدم السلامة ، أو ركوبه لإتيان معصية من المعاصي ، ومن الطلْق : الحامل بزنى" . انتهى . وإذا كان شهيد المعركة الذي يُقتل بالسيف ، إن كان قاتل عصبية أو حمية أو رياء ، لا يكون له فضل الشهداء ولا مرتبتهم ، فأولى أن لا يكون لأولئك ذلك الأجر الجزيل . والخلاصة :أن مرض السرطان بحد ذاته لا يدخل الميت بسببه في أنواع الشهداء ، إلا أن يكون المرض في بطنه ، وأن ذلك ليس منصوصا في الحديث ، وإنما هو اجتهاد لبعض أهل العلم في فهم معنى " المبطون " ، وأن من كان مرضه بسبب الدخان أو غيره ، ومات منه قبل التوبة ، فلا يكون شهيداً بذلك ، ولو كان موضع المرض في بطنه ، فإن كان المرض في بطنه ولم يكن بسبب فعل محرَّم ، رجونا له كان له منزلة الشهداء في الآخرة ، إن شاء الله . والله أعلم الإسلام سؤال وجواب | |
|