موضوع: علاقة الرجال بالنساء بين المساواة والتوصية الأحد يوليو 24, 2011 1:39 pm
مبنى الأمن الاجتماعي في دين الإسلام هو العلاقة بين الرجل والمرأة إذ هي أساس المجتمع، وتقنينها وفقاً لقواعد ومفاهيم واضحة هو أفضل سبيل لتحقيق الأمن والسلام الاجتماعي في المجتمع البشري، وقد أقام الله سبحانه وتعالى هذه العلاقة على أساسين هما: المساواة بينهما في أصل الخلقة والعبودية والتكاليف الشرعية، ثم توصية الرجال بالإحسان للنساء كفرض وفضيلة وذلك لرقة طبعها وخجلها أن تطالب بحقوقها. أما عن مبدأ المساواة فقد ساوى الله جل جلاله بين الرجل والمرأة في أصل الخلقة، فأخبر سبحانه بوحدة الأصل الإنساني الذي خلق منه الرجال والنساء في أكثر من موضع من القرآن الكريم
ولقد سارت السنة النبوية على نفس المنهج القرآني في تعدد وتنوع النصوص المصرِّحة بمساواة المرأة والرجل في أصل العبودية والحقوق والواجبات، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن النساء شقائق الرجال» (أخرجه أبو داوود والترمذي). ولم تقتصر نصوص الشرع الشريف على تأكيد المساواة في أصل التكليف، وأصل الحقوق والواجبات، وإنما تعدى الأمر إلى التوصية بالمرأة وذلك لما تتسم به المرأة -كما ذكرنا- من رقة في الطباع، وخجل في الأخلاق، قد يحولان بينها وبين المطالبة بحقوقها ومعاملتها معاملة حسنة، فأوصى الله عز وجل الرجال بهن خيراً وأن يتعاملوا معهن بالمعروف في أكثر من موضع في القرآن الكريم.
كما اهتمت السنة النبوية بالحث على التوصية أكثر من تأكيدها لمبدأ المساواة، فأمر بها صلى الله عليه وسلم بصورة صريحة واضحة، فقال: «استوصوا بالنساء خيرًا» (أخرجه البخاري ومسلم)، بل اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم مقياس أفضلية الرجال حسن معاملة المرأة والزوجة بصفة خاصة؛ وذلك لطول معايشتها للرجل وشدة اقترابها منه، فقال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» (أخرجه الحاكم في المستدرك)، ورغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في الإحسان إلى الزوجة بالتوسعة عليها في النفقة، فعن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك» (صحيح مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: «مهما أنفقت فهو لك صدقة حتى اللقمة ترفعها في في امرأتك» (البخاري).
كل النصوص السابقة تؤكد أن المرأة كالرجل في أصل التكليف، وأصل الحقوق والواجبات، وأن الاختلاف الذي بينهما في ظاهر الحقوق والواجبات من قبيل الوظائف والخصائص، وليس من قبيل تمييز نوع على آخر، فلا يعد اختلاف الوظائف والخصائص انتقاصًا لنوع، فمثلا إذا وعد أب أن يكسو أبناءه في العيد، فالظلم هنا أو الانتقاص هو أن يكسو الأبناء دون البنات، ولكن ليس من الظلم أن يفرق بين نوع الملابس التي يلبسها ابنه الذكر، عن تلك الملابس التي تلبسها ابنته الأنثى طبقا لاختلاف الوظائف والخصائص.
فالمرأة تمتاز بخصائص فكرية وعاطفية وفسيولوجية، وتقوم بوظائف تناسب طبيعتها وتكوينها، فهي الزوجة التي تحمل الحياة، وهي الأم التي تربي المولود وترضعه وتحنو عليه، وهذه الوظائف تتناسب مع تلك الخصائص المذكورة، في توافق مبهر مع طبيعة الحقوق التي تتميز بها، والواجبات التي تلتزم بها في منظومة متكاملة، تبرز تميز كل نوع عن الآخر، كما تجعله متكاملا معه، مندمجا، ومكونًا بهذا التكامل وذلك الاندماج الفريد أولى وأهم لبنات المجتمع، وهي الأسرة.